كل ما تريده السلطة من «الدولار الجمركي» زيادة حاصلاتها الضريبية وتغذية الخزينة، متغافلة عن أن زيادة الرسم 13 ضعفاً مرة واحدة، سيقلّص القدرة الشرائية للأسر ويخلق مساراً تضخمياً يضاف فوق مسارات يحفّزها مصرف لبنان عبر سياساته النقدية. هذا مسار ترقيعي يروّج له من خارج أي خطة تخفّف من ارتدادات القرار على الأسر والأسعار في السوق. والمشكلة أن هناك قسماً من المواد الغذائية التي يصيبها القرار مثل الخضار المعلّبة التي يبلغ الرسم عليها 35%، والأجبان 20%، واللحوم بين 5 و20%، والسكاكر 20%، والملح 15%، والخضار المثلّجة 20%. اللائحة تطول، ما يعني أن الدولار الجمركي هدفه تقليص الاستهلاك بلا تمييز.يقول رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي: «غلاء الأسعار سيؤدي إلى تراجع الاستهلاك، ما يشجع التجار على التهريب للتهرّب من دفع الرسوم الجمركية المرتفعة». لذا، يعترض على «زيادة الرسوم حصراً بدلاً من الذهاب إلى مصادر دخل أخرى كتحسين الجباية وتوسيع الصحن الضريبي وجعل النظام الضريبي أكثر عدالة».
غلاء الأسعار سيؤدي إلى تراجع الاستهلاك ويشجع على التهريب


وهذه العشوائية في التعامل مع الأزمة، دفعت التجار إلى حركة استباقية لإقرار «الدولار الجمركي» بدأت منذ نحو سنة. إذ يشير رئيس الغرفة الدولية للملاحة في بيروت إيلي زخور، إلى أن «عدد الحاويات المستوردة برسم الاستهلاك المحلي في النصف الأول من العام الحالي بلغ 130 ألف حاوية، مقابل 117 حاوية في الفترة نفسها من العام الماضي، أي بزيادة قدرها 12 ألفاً و950 حاوية ونسبتها 11%». فالاستيراد ارتفع 11%، لسلعٍ مختلفة تضمّها الحاويات. كذلك ارتفع عدد السيارات المستعملة المستوردة والجديدة إلى 13 ألفاً و287 سيارة، مقابل 8 آلاف و208 سيارات العام الماضي، أي بزيادة نحو 5 آلاف سيارة ونسبتها 62%. وهذا ما يفسّره زخور بأنه «محاولة استفادة من الرسم الجمركي المنخفض اليوم، مقابل بيع السلع على سعر مرتفع بعد إقرار الاقتراح ومراكمة الأرباح».
ويتبين بحسب الاتفاقيات المبرمة بين لبنان والدول الأوروبية والعربية، أن البضائع المستوردة منهما معفية تماماً من الرسوم الجمركية وإن كانت لها بدائل مصنوعة محلياً. الحلّ برأي بحصلي «إعفاء المواد الغذائية كافة والأساسية المستوردة التي تدخل في عملية التصنيع المحلي للمواد الغذائية من الرسوم الجمركية».
رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة إيلي قزي، يصف القرار بـ«الضربة القاضية للقطاع». بتقديراته «ستتخطى أسعار السيارات المليار ليرة بزيادة نسبتها ما بين 70 إلى 80%» ما سينعكس جموداً في المبيعات ويهدّد استمرارية معارض بيع السيارات.