مع تصاعُد وتيرة المفاوضات في ملف الاتفاق النووي مع إيران، وبينما تتساوى احتمالات التصعيد مع احتمالات التهدئة في ملف ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة جنوباً، جاءت كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للفصل بينَ الملفين، مؤكداً أن «موضوع الحدود البحرية وكاريش والنفط والغاز لا علاقة له بالاتفاق النووي لا من قريب ولا مِن بعيد، سواء وقِّع أم لم يوقَّع». وخلال احتفالية وضع حجر الأساس لمعلم جنتا السياحي الجهادي «حكاية الطلقة الأولى»، تناول نصرالله حركة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين، مؤكداً مرة جديدة على معادلة الهدوء أو التصعيد. وقال إنه بمعزل عن مصير الاتفاق النووي و»على مسافة أيام من الاستحقاق المهم لاستخراج النفط وملف حقل كاريش وترسيم الحدود، إذا تم تقديم ما تريده الدولة اللبنانية فنحن ذاهبون للهدوء وإذا لم يحصل لبنان على حقوقه التي تطالب بها الدولة اللبنانية فذاهبون إلى التصعيد»ودعا لأن تكون «العين على حقل كاريش والحدود اللبنانية والوسيط الأميركي، لافتاً إلى أن «العين على الوسيط الأميركي الذي إلى الآن يضيع الوقت ووقته قد ضاق».
موقف الأمين العام لحزب الله جاء وسط صمت كبير ومطبق يسود الأوساط الصهيونية. إذ إن الرقابة العسكرية تمنع على الجميع التحدث عنه، بما في ذلك وزيرة الطاقة التي أطلت على إحدى القنوات ولم يتوجه إليها المحاور بسؤال عن الملف. بينما واصلت وسائل الإعلام الأخرى نقل معطيات عن مصادر من خارج الكيان من دون تظهير أي موقف. لكن التقييم الوارد عن لسان سياسيين وإعلاميين من داخل الكيان يركز على أن الأمور تتجه نحو اتفاق يناسب الجانبين.
لكن تحذير نصرالله الوسيط الأميركي من التسويف، يعود إلى كون الأخير أجل زيارة كانت مقررة له إلى فلسطين المحتلة أول من أمس إلى موعد جديد قالت مصادر مطلعة إنه سيكون في الثامن والعشرين من هذا الشهر. وأن هوكشتين سيناقش مع المسؤولين الإسرائيليين الملف ويعود إلى بلاده وليس مباشرة إلى لبنان. علماً أنه هو من سرب قبل أيام أنه يمضي إجازة في اليونان بما يحمله ذلك من رسالة «عدم الاهتمام بالمواعيد»، وهو ما فسره أصدقاء للسفارة الأميركية في بيروت بأن الوسيط الأميركي يوجه رسالة إلى حزب الله بأن واشنطن لا تخضع لاختبار الوقت. مع العلم أن الحديث يدور عن زيارة مرتقبة لرئيس مجلس الأمن القومي في كيان الاحتلال إلى واشنطن خلال الأيام القليلة المقبلة للبحث في الملف إلى جانب قضايا أخرى.
هوكشتين أجل زيارته إلى آخر الشهر وحلفاؤه في بيروت يتحدثون عن اتفاق بعد رحيل عون


وقد بادرت قوات الاحتلال خلال الأيام القليلة الماضية إلى رفع وتيرة الحركة العسكرية والأمنية في المنطقة الشمالية مع تركيز على الساحل اللبناني من الحدود إلى مناطق بعيدة شمالاً. ومع أن طبيعة هذا النشاط تبدو احترازية إلا أن المقاومة بادرت أيضاً إلى اتخاذ إجراءات من جانبها من أجل منع أي مفاجأة في حال قرر العدو القيام بعمل مفاجئ، خصوصاً أن القيادات العسكرية والأمنية في إسرائيل سربت قبل يومين أنها قد تكون مستعدة لضربات استباقية في حال تثبتت من وجود نشاط لحزب الله يمهد لتوجيه ضربة إلى المنشآت الغازية في البحر.
ومع ذلك، فقد نقلت مصادر رسمية لبنانية عن أوساط ديبلوماسية غربية أن المداولات الجارية تشير إلى أن الولايات المتحدة لا تدعم نشاطاً يقود إلى حرب أو مواجهة، وأن الأوروبيين يريدون استقراراً يساعدهم في استجرار كميات من الغاز يحتاجونها قبل الخريف المقبل. لكن هذه المصادر قالت إن ما يحتاج إلى التدقيق هو الخطوات الأميركية العملانية التي يبدو أنها تدرس توقيت أي اتفاق بين لبنان وكيان الاحتلال بما يتناسب مع الأجندة الأميركية في لبنان نفسه، وأبدت المصادر خشيتها من أن تكون واشنطن عازمة على التورط في الخلافات الداخلية بما يجعلها تسعى لتأجيل الاتفاق إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة. وهو الأمر الذي يجب التوقف عنده بعدما تبلغ لبنان أن البت بتمويل عملية استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن مؤجل لشهرين إضافيين على الأقل.
ولفتت المصادر إلى أن المتصلين بالجهات الأميركية يكثرون من الحديث عن ضرورة عدم منح حزب الله أي نصر جديد، وأنه حتى في الشكل تهتم أميركا بتسويف الوقت لتأخير الاتفاق من دون توترات من أجل كسر تهديد حزب الله بضربة في شهر أيلول. وحذرت المصادر من خطط أميركية لخلق توترات داخلية في لبنان على خلفية الأزمة الاقتصادية بقصد الضغط على حزب الله لمنعه من القيام بأي عمل عسكري ضد إسرائيل.