عام 1972، لم يخطر في بال مؤسسي «الحزب الديمقراطي الشعبي» أنهم سيعودون إلى كنف حزب «العمل الاشتراكي العربي في لبنان» بعدما اختاروا الانشقاق عنه حينها، لتأسيس مجموعة صارت عام 1979، حزباً مستقلاً. بعد خمسين عاماً، أطلق قياديو الحزبين، ومن تبقّى من المؤسسين، اتحاد الحزبين ليصبحا حزباً واحداً من جديد.الأحد الماضي، تنادى «الرفاق» من صور وصيدا والنبطية والعرقوب وبيروت والجبل وطرابلس وعكار والبقاع للمشاركة في إعلان «البيان السياسي المشترك بين الحزبين وإطلاق مسار الاندماج وصولاً إلى تأسيس حزب جديد بهوية اشتراكية علمية». بدا النشاط كأنه خارج السياق في زمن تقهقر الأحزاب الوطنية واليسارية التي سرقت دورها في التغيير والتطوير، منظمات المجتمع المدني. وشارك في المؤتمر ممثلون عن أحزاب الشيوعي وحزب الله والسوري القومي الاجتماعي وحركة الشعب والاتحاد وحركة «المرابطون» والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتحالف الوطني للإنقاذ والتغيير وتجمع اللجان والروابط الشعبية.
على وقع نشيد الأممية، وقف الحضور إجلالاً لشهداء الحزبين وحركات المقاومة الوطنية والإسلامية والفلسطينية. وتحت عنوان «نحو تيار يسار ثوري لإنجاز مهام التحرر الوطني والاجتماعي»، أعلن عضو قيادة حزب العمل يوسف خضرا أن حزبه «استأنف نشاطه عام 2005 باجتماعات مع الكوادر في المناطق. وبنتيجتها، شكّل لجنة متابعة لإعادة العمل والنشاط التنظيمي، وتوصّل مع الديمقراطي إلى إطلاق مسار الاندماج الذي شكّل ثمرة لنقاشات استمرت لسنوات بين الحزبين بهدف الوصول إلى الوحدة التامة».
من جهته، أكد الأمين العام للحزب الديمقراطي الشعبي محمد حشيشو «أهمية قرار الحزبين بالاندماج في زمن تفكك الأحزاب وتشرذم العمل الحزبي»، موضحاً أن مسار الاندماج «جزء من سياق عملية ثابتة لتحقيق الوحدة التامة إسهاماً في بناء تيار يساري ثوري وجذري». وتم الاتفاق على «تشكيل هيئة قيادية مشتركة وصولاً إلى تحقيق الوحدة الفكرية والسياسية والتنظيمية، وستتخلله فترة انتقالية تنتهي بعقد مؤتمر عام اندماجي يُفضي إلى حزب جديد موحد يحمل اسماً جديداً يدلُّ على هويته الإيديولوجية الثابتة وهي الاشتراكية العلمية، وانتخاب قيادة جديدة». وأمل حشيشو أن يكون للخطوة الاندماجية مفعول العدوى بين كل قوى اليسار والاشتراكية في لبنان والعالم العربي إسهاماً في تعزيز دورها في عملية التحرر الوطني وخوض النضال الوطني والطبقي من موقع القوة والوحدة والمشروع السياسي الجريء الذي يبدأ بـ«التزام خيار المقاومة ضد العدو الصهيوني وأميركا، وصولاً إلى التغيير الجذري للنظام البرجوازي الطائفي التابع والعميل وإقامة نظام وطني ديمقراطي علماني مقاوم».
الدعوة تلقّفها ممثل الشيوعي سلام أبو مجاهد الذي أثنى في مداخلته على «خطوتكم الجريئة»، آملاً «ومن موقع الشراكة معكم بالمقاومة الوطنية بفتح النقاش ليطاول حزبنا الشيوعي اللبناني لتوحيد العمل اليساري في لبنان ليكون رافعة للعمل الوطني والديمقراطي».
وكان حزب العمل وليد مخاضٍ بدأ 1968 من رحم «حركة القوميين العرب» بقيادة جورج حبش وهاشم علي محسن. واختارت مجموعة منه الانشقاق بقيادة نزيه حمزة، لكنها عادت والتقت معه في النضال العمالي والنقابي والعسكري، ولا سيما في إطار جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية. في مقابل صمود «الديمقراطي الشعبي»، استمر «العمل» حتى أوائل التسعينيات عندما قررت قيادته تعليق نشاطه الحزبي إثر وفاة أمينه العام هاشم علي محسن.