لم يكد أصحاب المحالّ والمطاعم والمقاهي في سوق صور يشرعون باستقبال الزبائن والزوّار صباح أمس، حتى عاجلتهم حادثة إطلاق نار من مسدس حربي على مصطفى. د. ا، أحد الصرافين غير الشرعيين، الذي أصيب في رجله. كما أصيبت امرأة صودف وجودها في المكان في ساحة البوابة. ووفق شهود عيان، فإن المشتبه في إطلاق النار هو ع. ص. وبعد حوالي أربع ساعات، تعرّضت إحدى السيارات المارّة في محلة البص لإطلاق نار، بعدما اشتبه مطلق الرصاص بأن في داخلها أحد المتورّطين بإطلاق النار على مصطفى. د. ا، ليتبيّن أن الرجل وزوجته اللذين كانا في السيارة، أصيبا بجروح بليغة ووقعا ضحية جريمة ثأر لا علاقة لهما بها.
المشاهد البوليسية التي شهدتها المدينة أمس، لم تكن سوى حلقة من مسلسل «صراع القبضايات» المستمرّ منذ سنوات في صور بين عصابتين يتزعّم أولاهما و. ص. (شقيق ع. مطلق النار في ساحة البوابة أمس)، وثانيتهما يتزعمها ف. ش. الذي يتبع له مطلق النار على السيارة. على نحو تدريجي، تحولت المدينة إلى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الثأرية بين الطرفين في إطار الصراع على نفوذ «القبضايات».
صراع العروش بين الزعيمين يكلف صور الكثير، ليس بسبب الضحايا التي تسقط من أفراد العصابتين والمارّة فقط، إنما أيضاً من سمعتها كمدينة سياحية تستقطب الزوار والسياح ويقيم فيها عدد كبير من الأجانب. واللافت أن التفلّت الأمني الذي يهدّد المدينة لم يستفز المرجعيات السياسية والحزبية بشكل كاف، لضبطه. زعيما العصابتين وأفرادهما يصولون ويجولون بين الأحياء بشكل اعتيادي. فيما مطلقو النار ومعظمهم مقيمون في قلب المدينة، قلّما يتعرضون للتوقيف كما حصل مع المشتبه فيهما في حادثتي أمس.
بحسب نائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي، فإن صور «يقصدها أسبوعياً قرابة عشرين ألف زائر يتوزّعون على شاطئها البحري ومطاعمها ومرافقها السياحية الترفيهية وأسواقها الشعبية ومواقعها الأثرية. لكنّ الأحداث الأمنية المتنقّلة تساهم في إضعاف حركة الوافدين إليها والتسبّب بشلل داخل السوق التجاري وكلّ المرافق الحيوية في المدينة». صبراوي استنكر تقاعس القوى الأمنية والقضاء عن ضبط الميدان. فمن يتحمل المسؤولية؟
في المدينة المحسوبة على حركة أمل، يأمل كثر بأن يتدخّل الرئيس نبيه بري مع «الزعران» كما تدخل مع أصحاب المولدات. في حين يُتهم عدد من مسؤولي «أمل» بتوفير غطاء للمخلّين بالأمن عبر منع القوى الأمنية والقضاء من ملاحقتهم. في هذا الإطار، أكد عضو كتلة التحرير والتنمية النيابية النائب علي خريس لـ»الأخبار» أن «موقف حركة أمل تجاه المخلّين بالأمن ثابت وعلى الأجهزة الأمنية والقضائية التحرّك لوضع حد لهذه الظاهرة المتكررة ومحاسبتهم». ودعا القوى الأمنية «لوضع خطة تحفظ أمن المدينة وأبنائها بعدما انعكس التفلّت الأمني سلباً على مختلف القطاعات، ولا سيما القطاع السياحي الذي تنتظره آلاف العائلات وأرى فيه فرصة في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة».