يضفي إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار 3RF، القائم على «المبادرة الفرنسية»، طابعاً مؤسّسياً على مطالب مانحيه الرئيسيّين، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي، من لبنان. يُدار إطار 3RF بشكل رئيسي من قبل الحكومات الأوروبية، بينما يعكس اختيار وسطاء التمويل توجّهات المهندسين المباشرين لبرامج الإطار والمستفيدين منه. من بين المستثمرين الرئيسيين في 3RF بنك التنمية الأوروبي، ما يظهر اهتمام فرنسا والنرويج واقتصادات الاتحاد الأوروبي الرئيسية الأخرى بمشاريع البنى التحتية في لبنان، من مياهه إلى مرفئه وشبكته الكهربائية. إلى جانب الأهداف النظرية في استبدال القطاع الحكومي، وأيّ مؤسسة خاصة محلية يمكن أن تعود بالنفع على الدولة وشعبها، يسعى الإطار إلى تسريع مسار الخصخصة والاستثمار الخاص الخارجي في لبنان، والاستفادة من ظروفه الصعبة لفرض السعي إلى تحقيق أقصى ربح مع القليل من المساءلة والشفافية، حتى أنهم يسعون إلى الاستعانة بمصادر لعملية المساءلة والمراقبة خارج الإطار المؤسساتي للحكومة اللبنانية بالكامل وبأسلوب «الاقتصاد الحر».وبالمثل، تمتلك مؤسسة 3QA مجموعة من معايير «التدقيق» الخاصة بها، متخطيةً بذلك الوزارات المعنية في تحديد المنظّمات التي تستحق أموال التعافي المطلوبة. وتشدد «مؤسسة التدقيق» هذه على أن تكون المنظمات «غير سياسية» و«غير طائفية». ومع غياب أي تقدير دقيق عن حجم أموال التبرّع التي وصلت إلى لبنان بعد انفجار المرفأ في 4 آب 2020، أعلنت مؤسسة 3QA من خلال خطابها الضمني على وسائل التواصل الاجتماعي، كما المنظمات غير الحكومية الدولية الكبيرة الأخرى مثل «هيومن رايتس ووتش»، عن ضرورة التبرع لـ«المنظمات الموجودة على الأرض» بدلاً من «الحكومة الفاسدة وغير الخاضعة للمساءلة».
ورغم رفعهما لواء للشفافية، فإن البنية التحتية للتمويل الجديدة الخاصة بالإطارين، 3QA و3RF، أبعد ما تكون عن ذلك. بالنسبة لإطار 3RF، فقد أسّست «مرفق التمويل اللبناني» (Lebanese Financing Facility – LFF)، وهو صندوق ائتماني تابع لـ 3RF كآلية للتمويل الذاتي تعمل أيضاً كمجمع استثماري للحكومات المهتمة بالاستثمار في البنية التحتية اللبنانية. تم صرف أقل من 10% من الأموال المخصّصة لـ 3RF، حتى مع اقتراب المشروع من انتهاء الفترة المخصصة لتنفيذه البالغة 18 شهراً (رُصد 55.6 مليون، وصرف 5 ملايين)، ويصعب إيجاد معلومات واضحة تُظهر كيف أنفقت هذه الأموال.
تظهر المزيد من الروابط المباشرة بين الإطارين في اختيار المشاركين المباشرين والمتعاونين، وتتمثل في مشاركة كل من LiveLoveLebanon والرابطة اللبنانية لسيدات الأعمال (LLWB) و ArcEnCiel، المدقّق بها من قبل 3QA، في اجتماعات 3RF الاستشارية. من بين شركاء الرابطة اللبنانية لسيدات الأعمال (LLWB)، نجد IM Capital المموّل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) و BLC Bank. تجدر الإشارة إلى أن لوري هايتيان التي تعمل مديرة لـ «معهد حوكمة الموارد الطبيعية» (NRGI) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمنسّقة العامة لحزب «تقدم»، تشغل منصب أمينة صندوق رابطة (LLWB).
كلّ من 3RF، من خلال LFF، و3QA تعتزمان الاستخدام المؤقت لآليات «التمويل الطارئ»، ولكنها في نهاية المطاف وسيلة لتسريع مسار تسهيل أطر عملهما كبدائل دائمة عن تمويل الدولة، حيث يكون اتخاذ القرار، والتمويل والاستثمار موجهين بالكامل من الخارج، من خلال بنية تحتية لعملية مبهمة وغير منتخبة من الحكم والتمويل.