لا يكاد يوم يمرّ في لبنان من دون أن نسمع خبراً عن وفاة عزيز بـ«جلطة قلبية». أصبح الأمر مُرعباً، ولا سيما أن عدداً لا بأس به من هذه الحالات ينتمي إلى فئة الشباب. ملاحظة تؤكّدها مجموعة من أطباء القلب والشرايين، لمست ارتفاعاً في عدد الوفيات تجاوز الـ5% في الأعداد خلال السنتين الأخيرتين، مؤكّدة أنها نسبة مرتفعة في فترة زمنية قصيرة، وتُعدّ مؤشراً مقلقاً خصوصاً أن منظمة الصحّة العالمية تصنّف الأمراض القلبية، وتحديداً «الذبحات القلبية»، بالقاتل الأول للإنسان حول العالم. يعزو الدكتور علي بيضون، الاختصاصيّ في أمراض القلب والشرايين، أسباب ازدياد هذه الظاهرة في لبنان إلى مجموعة عوامل أبرزها «تراجع العناية الصحيّة بسبب ارتفاع التكلفة الاستشفائية من جهة، وانقطاع بعض أنواع الأدوية من جهة أخرى، وما ترافق معها من احتكارات للعقاقير الطبيّة». ويؤكد بيضون أنّ عشرات الحالات التي تصاب بعوارض صحيّة مرتبطة بالسكتات القلبية، «لا يتوجه أصحابها إلى المستشفيات خوفاً من الفاتورة التي تنتظرهم». فارتفاع أسعار الفحوصات المخبرية والصور الإشعاعية والقسطرات، وغيرها من الإجراءات الطبية، كان نتيجة لتدهور القطاع الصحي الذي سبّبته الأزمة الاقتصادية الحادّة التي يعيشها لبنان. يرى بيضون أن «الحالات التي تكتفي ببعض الأدوية عند الإحساس بأعراض الجلطة القلبية، قد ينتهي بها المطاف بالوفاة بسبب غياب التدخّل الطبي في طوارئ المستشفيات». ومن ضمن العوامل المسبّبة لهذه الجلطات أيضاً «وجود أمراض مزمنة كارتفاع ضغط الدم، السكري وارتفاع نسبة كوليستيرول الدم».

الضغط النفسيّ
لا توجد إحصاءات رسميّة بأعداد المرضى المصابين بأمراض القلب، أو حتى حالات الوفاة الناجمة عن الجلطات القلبية في لبنان، ولكن يؤكّد الدكتور عزّت هاشم، وهو مفتّش في وزارة الصحّة واختصاصي أمراض قلب وشرايين، أنّ الأعداد ازدادت بشكل كبير في آخر سنتين، "وأبرز الأسباب المؤدية إلى هذا الارتفاع هو الضغط النفسي الكبير والتوتر الناتج عن مختلف الأزمات التي يمرّ بها الوطن، وأبرزها الأزمة الاقتصادية الخانقة التي ألقت بتبعاتها على كل نواحي الحياة". والمعروف أنّ الضغط النفسي «عنصر أساسيّ في حصول الأمراض الخطيرة والمميتة ولا يمكن الاستهانة به وبالأذى الذي يمكن أن يسبّبه لصحّة القلب، خصوصاً إذا كان هذا التوتّر من النوع المزمن». ويتفق هاشم مع زميله بيضون في أن «انقطاع أدوية أمراض القلب، أو الاقتصاد في استهلاكها يسبّب ضرراً مباشراً للمريض»، يضيف إليه عامل «التدخين بسبب المواد السّامة التي يدخلها إلى جسم الإنسان».

إجراءات وقائيّة
ينصح الأطباء بإجراء فحوصات دورية للجسم وصورة صوتية للقلب خاصّة إذا كان هناك تاريخ مرضيّ في العائلة. كذلك من المهم الاهتمام بالتغذية الصحيّة عبر نظام غذائي سليم ومتوازن يحقّق الفائدة للجسم، والتقليل من الدهون المشبعة في الوجبات لتسبّبها في انسداد الشرايين. كذلك يدعو الأطباء إلى ممارسة الرياضة لما لها من دور في تقوية الدورة الدموية والحفاظ على صحّة القلب.
ومن الإرشادات المهمة التي تدعو إليها منظمة الصحّة العالمية التخفيف من التدخين، لما يسببه من مخاطر للقلب والأوعية الدموية. كذلك ينصح الأطباء بتخفيف التوتر والضغط النفسي من خلال المشي وممارسة اليوغا وتمارين التنفّس البطيء.