لم يُختَتم الأسبوع الماضي بتطورات علنية في ما يتعلق بملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً مع فلسطين المُحتلة، فيما بقي الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي أكّد جدّية الحزب في الذهاب إلى مواجهة أو حرب في حال مُنِع لبنان من استخراج ثروته النفطية، متحكّماً بمسار المفاوضات التي يتولاها الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين. وفهم أن المشاورات الأميركية - الإسرائيلية حول الملف أخذت بعداً جديداً على ضوء مواقف نصرالله.وقد تلقى الوسيط الأميركي رسائل من جهات لبنانية للاستفسار عن موعد عودته إلى بيروت، لكنه امتنع عن الإجابة المباشرة، في وقت تشير مصادر السفارة في بيروت إلى أن الأمر قيد التشاور لأن المهمة تقتضي منه الذهاب إلى إسرائيل.
استمرار تشديد الرقابة العسكرية في إسرائيل على وسائل الإعلام والمعلقين في شأن الحديث في هذا الملف يشير إلى أن إسرائيل لا تريد أن تطلق أي مواقف أو اجتهادات تؤدي إلى البعث برسالة خاطئة نظراً إلى دقة الوضع. أما على المستوى الرسمي، فان الامتناع عن التعليق مرده إلى أن المشاورات مع الأميركيين تستهدف وضع رد جديد من قبل إسرائيل على المطالب اللبنانية بما يحول دون مزيد من التصعيد.
ويوضح مراقبون بأن إسرائيل تلقت رد حزب الله على الجولة الأولى من المفاوضات من خلال عملية المسيّرات. وبعد كلام نصرالله فإن أي رد سلبي إسرائيلي سيعني دعوة حزب الله إلى القيام بخطوات تشكل ارتقاء في التعامل مع الموقف، مع ما يتطلب ذلك من خطوات عملانية يفترض أن تأخذ شكلاً أكبر وأوسع وأكثر فعالية من عملية المسيّرات. لذلك، فإن التشاور جار مع الأميركيين حول الصيغة التي يفترض أن يحملها هوكشتين إلى بيروت من أجل ضمان استمرار التفاوض بطريقة إيجابية.
ويبدو أن الأميركيين رصدوا باستياء ردود الفعل اللبنانية على خطاب نصرالله، خصوصاً مع شعورهم بأن لا مواقف بارزة رافضة له، كما أن بيان رئيس الحكومة ووزير الخارجية لا يمثل موقفاً جدياً في ظل تفاهم الرئيس ميشال عون مع الرئيس نبيه بري وتفهم قيادات أخرى من بينها رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط.
وكان لافتاً أمس، انضمام البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى الفريق الذي يدعو الأميركيين إلى ممارسة ضغوط إضافية على العدو لإنجاز اتفاق سريع. ومع أن بكركي لا تؤيد ما قاله نصرالله في خطابه، إلا أن عظة الراعي أمس تضمنت كلاماً مباشراً. إذ اعتبر أن «لبنان قدّم الحد الأقصى لإنجاح المفاوضات»، متمنياً على «الولايات المتحدة أن تحسم الموضوع مع إسرائيل، إذ ليس بمقدور لبنان أن ينتظر طويلاً ليستخرج النفط والغاز».
مصادر رسمية على صلة بالملف أكّدت «أننا دخلنا مرحلة العدّ التنازلي»، مشيرة إلى أن أيلول المقبل سيشكّل مفترق طرق في هذا الملف. وأشارت إلى أنه «وصلتنا إشارات إيجابية حول نية الطرف الآخر التوصل إلى حلول، لكن بناء على التجارب الماضية، فإن الثقة مفقودة والخشية موجودة دائماً من اللجوء إلى التسويف والمماطلة»، مشيرة إلى أن «ما يعزز موقف لبنان يتصل بكون أوروبا، تظهر حاجتها الكبيرة إلى الاستقرار في المتوسط للحفاظ على مصادر تدفق الغاز الحالية والحصول على بدائل للغاز الروسي».
مصادر مطلعة أشارت إلى أن «المعادلة التي وضعها نصرالله وضعت الأميركيين والإسرائيليين في كل الأحوال بموقع مربِك، فإذا حصل تصعيد سيكون على عكس الرغبة الإسرائيلية التي تريد الحفاظ على الاستقرار لضمان عمل الشركات، والرغبة الأميركية التي لا تريد فتح جبهة إلى جانب الحرب الروسية». أما في حال تم تسريع التوصل إلى اتفاق فسيُنسب الانتصار إلى حزب الله وفي كل الأحوال هم الآن في موقف دقيق جداً يحتاج إلى تحديد أي من الخسارتين سيختاران بأقل الأثمان».
أوساط مطلعة أكّدت أن جهات رسمية لبنانية تبلّغت من هوكشتين أنه «سيستكمل عمله للوصول إلى اتفاق»، مع التأكيد على أن الولايات المتحدة وإسرائيل لا ترغبان بالتصعيد رغم ما نُقل عن وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهرار، بعد لقائها الوسيط الأميركي، بأن الأخير لم يقدّم الأجوبة اللازمة التي ينتظرها الإسرائيليون من اللبنانيين.
تل أبيب لا تزال ترفض القبول بتوسيع التفاوض ليشمل الخط 23


ورغم أن المصادر الرسمية أكدت أن أحداً لم يتبلّغ بعد بموعد عودة هوكشتين مشيرة إلى أن «عدم الحضور لا يعني أن العمل متوقف»، وقد أشيعت معلومات في بيروت عن عودة الوسيط خلال أسبوعين لـ«إيجاد حل لمعضلة الخطوط بين لبنان وإسرائيل» والدعوة إلى جولة مفاوضات غير مباشرة جديدة في الناقورة لـ«تضييق الفجوات» في ما يتعلق بالخلاف على الخطوط. وقالت مصادر سياسية متابعة إن الجانب الأميركي يريد حصر التفاوض بين خطي «هوف» و23، فيما لا تزال إسرائيل ترفض توسيع التفاوض ليشمل الخط 23 وفق الاقتراح الذي قدمه لبنان بما يجعل حقل قانا المحتمل بكامله ضمن الحصة اللبنانية، وتفضل أن يبقى النقاش محصوراً ضمن الخطين «1» و«هوف».