شهد الملف الحكومي في اليومين الماضيين مجموعة إشارات إلى أن استحقاق تكليف شخصية لتأليف الحكومة الجديدة لن يكون يسيراً، إذ عادت الحسابات الداخلية والإقليمية إلى الخط بقوة، وهي ترتبِط بالدور المطلوب من هذه الحكومة سياسياً ومالياً واقتصادياً في أكثر المراحل حساسية في لبنان والمنطقة. فبعدما كان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الأوفر حظاً لتأليف الحكومة الجديدة، طرأ تطور أمس تمثّل في اتفاق نواب «التغيير» على تسمية السفير نواف سلام، بحسب ما سُرّب عنهم، وذلك في موازاة تكثيف السفير السعودي في بيروت وليد البخاري نشاطه الهادف إلى خلق بلوك نيابي سنّي يصوّت لشخصية غير الميقاتي، من دون أن يتّضح اسم البديل الذي يطرحه. وعليه، أتى إبراز اسم نواف سلام من جديد ليشكّل جرس إنذار بأن ثمة من يٌقارب الملف الحكومي من باب المواجهة، وسيتأكد ذلك إذا عاودت الرياض تبنّيه وإرغام كل من الحزب «الاشتراكي» و«القوات» على الالتزام به.وفيما بات سوق الأسماء يعجّ بالترشيحات، رست البورصة على 4 أسماء معلنة وهي إضافة إلى ميقاتي وسلام، وزير الاقتصاد أمين سلام والخبير الاقتصادي صالح النصولي (مع أن طرحه ليسَ جدياً).
‎على ضفة «التغييريين»، لا يزال اسم السفير سلام متقدماً، ولا سيما بعد إصدار حزب «تقدم» الذي يمثّله في البرلمان النائبان مارك ضو ونجاة عون صليبا، بياناً أمس أعلن فيه تسميته لتشكيل الحكومة.
وأكدت مصادر مطّلعة على أجواء نواب «التغيير» لـ«الأخبار» أن «خطوة تقدّم مؤثرة ولا شك أنها ستكون دفعاً للآخرين، مع ذلك، لا بد لنا من الانتظار قليلاً حتى يتم الانتهاء من التشاور»، مؤكدة أن «الساعات المقبلة ستكون حاسمة، والأرجح ستصبّ في مصلحة نواف سلام»، ولو أن الخطوة أثارت استياء بعض النواب التغييريين.
‎أما على صعيد النواب المستقلين، وهم غالبيّتهم من السنّة، فقد انتهى اللقاء الذي انعقد أمس في منزل النائب نبيل بدر على توافق في شأن تسمية الرئيس نجيب ميقاتي للمهمة. وقالت مصادر المجتمعين لـ«الأخبار»، إن «النواب الذين شاركوا هم 11 من أصل 13، إذ تغيّب عن الحضور النائبان وليد البعريني وسجيع عطية لارتباطهما باجتماع آخر، فيما اتفقا مع الحاضرين هاتفياً على توحيد موقفهما بشأن تسمية ميقاتي، من دون أن يكونوا في مجموعة واحدة في القصر الجمهوري».
وإذ نفت أن يكون لتيار المستقبل علاقة بفرض رأي في ما له صلة بالتسمية على اعتبار أن معظم النواب المجتمعين محسوبون عليه، قالت إن «معيار تسمية ميقاتي جاء ربطاً بالمرحلة. فمن المستحسن حالياً الذهاب باتجاه من في إمكانه تأليف حكومة سريعة كوننا أمام مهلة قصيرة بجدول أعمال واسع، ولا مشكلة في إعادة تنقيح الحكومة الحالية كي تتلاءم والظروف الاستثنائية». مع ذلك، قالت أوساط مطلعة إن يوم الخميس قد يشهد مفاجآت، وخاصة أن لقاءات السفير السعودي تشمل النواب السنّة المستقلين، وقد يتراجعون عن تسمية ميقاتي في حال طلب البخاري منهم ذلك. وهو ما دفع المصادر إلى توقّع أن يعتذر ميقاتي عن عدم التكليف في حال كانت أصواته محصورة بثنائي حزب الله وحركة أمل وتيار المردة.
النواب السنّة المستقلون قد يتراجعون عن تسمية ميقاتي نزولاً عند طلب البخاري


في السياق ذاته، لم يكُن رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط أمس متحمساً لاسم نواف سلام، وحتى معراب لم تُبد تأييدها، علماً بأنها كانت من أكثر الداعمين له. وتقول مصادر الطرفين إن «القرار الأخير سيصدر اليوم»، في حين أنها لا تستطيع نفي وجود ضغط من قبل السفير، وهو ما أسرّ به جنبلاط لرئيس مجلس النواب نبيه برّي، مؤكداً أن «لديه مشكلة مزدوجة في ملف التسمية، وهي الضغط السعودي من جهة، واستياء بري من تراجع جنبلاط عن تسمية ميقاتي من جهة أخرى».
هذه الأجواء، دفعت حزب الله أمس إلى تكثيف اتصالاته، وتحديداً مع التيار الوطني الحر لضرب أي فرصة أمام خصومه لإيصال مرشّح من خارج الإطار التوافقي. وفيما هدّد برّي بالعودة إلى خيار الرئيس السابق حسان دياب، حاول الحزب إقناع التيار بترشيح ميقاتي ما دام التيار سيشارك في الحكومة ويعطيها الثقة، لكن المعلومات حول نتيجة الاتصالات كانت متضاربة، إذ نفت مصادر قريبة من النائب جبران باسيل الموافقة على تسمية ميقاتي، بينما كانت مصادر في فريق 8 آذار تؤّكد أنه وافق. وأكدت أوساط التيار «قرار عدم السير بميقاتي، لأن المناخ العام في البلاد كما داخل التيار لا يسمح بالموافقة على بقاء ميقاتي الذي لم يقم بشيء».
كذلك تحدثت الأوساط القريبة من باسيل عن مناقشات جارية مع كتل نيابية من خارج التحالف التقليدي للتفاهم على مرشح مع توفير الأغلبية له، وإذا فشل الأمر فقد يشهد يوم الاستشارات وجود ثلاثة مرشحين، إلا في حال عدم تسمية العونيين أي مرشّح.