حال من الضبابية تُحيط بملف الحكومة، مع بروز مواقف مستجدة لدى بعض القوى السياسية، ترافقت مع عودة النشاط إلى السفير السعودي في بيروت وليد البخاري، ما أشار إلى بداية اهتمام الرياض بالملف تكليفاً وتأليفاً.السعودية غير الراضية عن نتائج الانتخابات النيابية استدعت سفيرها في بيروت لتقييم أسباب الفشل بعدما أغرق بلاده بتقارير الانتصار وانتزاع الأكثرية النيابية من حزب الله وحلفائه. هذه المراجعة تشير إلى اهتمام لدى المملكة بالساحة اللبنانية، بخاصة بعدما لمست فشل سفيرها وكذب ادعاءاته، فضلاً عن النتائج الكارثية لتفضيله معراب على حساب الطائفة السنية.
وفيما لا تزال أسهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي متقدمة لترؤس الحكومة المقبلة، مع تمتعه بتأييد واضح من الفرنسيين والأميركيين، ورغم أنه لا يزال يفتقد إلى الرضا السعودي، ينقل زوار الرياض أنها لن تخوض معركة ضده طالما ليس هناك توافق بين القوى اللبنانية على بديل له. غير أن مشكلة ميقاتي تبدو محلية، إذ إن القوات اللبنانية لا تزال تمانع تسميته والمشاركة في الحكومة، فيما يرفض التيار الوطني الحر تسميته أيضاً، ما يجعله عملياً بلا غطاء مسيحي. ويتابع ميقاتي عن كثب اللقاءات المتواصلة بين القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي، والتي ستستكمل الأحد في لقاء يجمع في معراب سمير جعجع وموفدين من وليد جنبلاط. وبحسب مصادر، فإن جنبلاط لا يرفض فكرة الاتفاق على اسم بديل، لكنه يعتقد بأن ميقاتي هو الأنسب في الوقت الحالي، كونه يحظى بدعم خارجي، كما أن زعيم المختارة يشدد على ضرورة مشاركة القوات في الحكومة لمنع سيطرة النائب جبران باسيل على الحصة الوزارية المسيحية. وعلمت «الأخبار» أن القوات تبدي ليونة في احتمال التراجع عن موقفها الرافض المشاركة في الحكومة، إلا أنها تنتظر المزيد من المشاورات قبل إعلان موقفها النهائي من التسمية ومن المشاركة في الحكومة. وتربط مصادر مطلعة هذه الليونة بالتدخّل السعودي في موضوع التسمية، رغم أنه تُنقل عن البخاري مواقف سلبية تجاه ميقاتي.
وعلمت «الأخبار» أن تعديلاً طرأ على تعامل السفير السعودي مع «أصدقائه» بعد عودته، ويبدو أن الرئيس فؤاد السنيورة هو أكثر المتضررين، إذ حاول بعد الانتخابات زيارة الرياض وطلب أكثر من موعد، لكن أحداً لم يستجِب له. حتى أن السفير البخاري لم يُجِب على اتصالاته حينَ كانَ موجوداً في المملكة، لكنه وافق أخيراً على الاجتماع به في السفارة في لبنان بعد إلحاح من السنيورة نفسه. وتقول المصادر إن السنيورة اقترح على السعوديين أن يعمل على تجميع النواب المقربين سياسياً من المملكة، وبالأخص النواب السنة المستقلين. وعلمت «الأخبار» أنه سيبدأ اتصالاته مع هؤلاء الأسبوع المقبل.
اجتماعات نواب «التغيير» تشهدإشكالات متكررة والسنيورة يحاول إقناع السعودية تكليفه جمع النواب السنة المستقلين


وربطاً بالمهمة الجديدة، أطلق السنيورة نشاطه السياسي بدعوة مجموعة من الإعلاميين المقربين منه، إلى جلسة تحدث فيها عن فوزه في عدة دوائر، موضحاً أنه فاز بكتلة من 7 نواب (3 سنة، درزيان وأورثوذكسيان)،مُدرجاً النائبين «الجنبلاطيين» وائل أبو فاعور (البقاع الغربي) وفيصل الصايغ (بيروت الثانية) في سلته، وهو أثار حفيظة رئيس الحزب الاشتراكي الذي لا توحي أجواؤه بأن الأمور «ماشية» مع السنيورة. وقد علق الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري على ادعاءات السنيورة واصفاً إياه بـ»الخاسر الأول في الانتخابات».
أما على جبهة النواب «التغييريين» الـ13، فقد حُددت لهم مواعيد منفصلة في القصر الجمهوري، لأنهم – بحسب بعضهم - «لم ينجحوا حتى الآن في الاتفاق حول شخصية واحدة لترشيحها لرئاسة الحكومة»، على رغم إصرارهم على أنهم «سيقدمون اسماً واحداً لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وأنهم يعقدون اجتماعات مفتوحة لأجل ذلك كان آخرها مساء أمس». وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن «هناك تراكمات تؤخر الاتفاق حول اسم رئيس الحكومة، وأن اجتماعات هؤلاء تشهد إشكالات متكررة بين بعض النواب، أدت إلى انسحاب النائب ميشال الدويهي من إحداها قبل يومين. وأشارت مصادر مواكبة إلى أن يوم السبت قد يشهد اتفاقاً، حيث يجري النقاش في عدد من الأسماء الأبرز بينهما السفير نواف سلام والنائب عبد الرحمن البزري، وعامر البساط.