تُزعج القاضية غادة عون كثيرين. لا تُشبه «سيّدة بعبدا» أحداً من القضاة في «رومانسيتها» و«أحلامها» بلبنان أكثر عدالة، أقلّه في طريقتها بالتعبير عن ذلك. متطرفة في قناعاتها، ولا تستسيغ أصحاب المال والنفوذ، وتمقت المصرفيين الذين تحمّلهم مسؤولية سرقة أموال اللبنانيين... تكره رياض سلامة الذي غطّى نهب شعب بأكمله بمقدار كُرهها للقضاة المستزلمين لدى السياسيين، وهو ما يستفزّ هؤلاء ويفضح تخاذلهم ويثير نقمتهم... إلى حد التشكيك في أهليتها.ولأن استدعاء عون إلى التفتيش القضائي وإحالتها إلى مجلس تأديب القضاة لم يأتيا بنتيجة ولم يخفّفا من اندفاعها، خرج رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، خلال اجتماع المجلس قبل أيام، بـ«نغمة» جديدة تشكّك في أهليّة القاضية عون لتولّي منصبها. عبود، «راعي الانقسام الطائفي في العدلية» بعد انفجار المرفأ، والطامح بالوصول إلى سدة الرئاسة، والذي يعيش القضاة في ظلّه أسوأ أيامهم، اقترح طرد القاضية عون من السلك القضائي إلى جانب القاضي شادي قردوحي لانقلابهما على الصورة المكرّسة عن «القاضي الصامت» وفق «موجب التحفّظ»، حتى ولو كان الصمت تخاذلاً. لذلك، لا يمكن مثلاً أن يهضم «ديناصورات» القضاء منشوراً لـ«القاضي الثائر شادي قردوحي» ينتقد فيه «بعض السلطات العليا المعيّنين من السلطة السياسية تبعاً لمعايير مناطقية وحزبية وتبعية مباشرة وغير مباشرة» ممّن مشروعهم «حماية أهل السلطة والمصارف وحاكم مصرف لبنان وقمع كل قاض حر».
أقصى ما يمكن أن يفعله المجلس هو الإحالة على التفتيش القضائي ولا يمكن استباق التحقيق بالحديث عن عدم أهليّة قاضٍ


عبود وهو أكثر من تحرجهم عون والمشكوك أساساً في أهليّته لتولّي منصبه بحكم عدم حياديته وطموحاته، رأى ومعه عدد من أعضاء المجلس أن عون وقردوحي «لا يصلحان لأن يكونا قاضيين»، وجرى تداول اقتراح بالطلب من هيئة التفتيش القضائي إعداد تقرير في «التجاوزات التي ارتكباها»، وإرسالها إلى وزير العدل والاقتراح عليه بوقفهما عن العمل لـ«عدم الأهلية». إلا أن هذا الطرح أثار انقساماً حاداً في المجلس ارتفعت معه الأصوات، قبل الاتفاق على تجميد النقاش في هذا الأمر.
خبير حقوقي أكّد لـ«الأخبار» أنه «لا يمكن لمجلس القضاء الأعلى اتخاذ قرار كهذا»، لافتاً إلى أن «أقصى ما يمكن أن يفعله المجلس هو «الإحالة على هيئة التفتيش القضائي لإجراء تحقيق. ولا يمكن استباق التحقيق بالحديث عن عدم أهليّة قاضٍ»!