حقّق اليوم الأوّل من الإضراب المفتوح الذي دعت إليه الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة الصدمة الأولى المطلوبة، في ظلّ التزام واسع طاول إدارات لم يسبق لها التوقف عن العمل سابقاً مثل وزارة الصحة. لكن الأمر لم يخل من خروقات، كما حصل في وزارة الداخلية، أو في دوائر أخرى أصرّ المديرون فيها على حضور الموظفين تحت طائلة الحرمان من مساعدة الـ90 دولاراً. الموقف الرسمي تمثّل في بيان صدر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أعلن فيه متابعته موضوع الإضراب مع وزير المال يوسف خليل والبحث معه في «ملف الأجور والمخصّصات المستحقة للموظفين وضرورة دفعها في المواعيد المستحقة لها من دون تأخير». موقف لم تعوّل عليه رئيسة الهيئة الإدارية لموظفي القطاع العام نوال نصر، بل وصفته بـ«كلام في الهواء» مؤكدة أن العودة عن الإضراب لن تكون قبل «الحصول على تحسينات حقيقية تلحظ الرواتب»، والاجتماع مع رئيس الحكومة أو الوزراء لن يحصل إلّا «بناءً على خطة عمل حقيقية، لسنا مستعدين لدفع ثمن وقود على اجتماعات لا طائل منها». وأشادت نصر بالالتزام التام بالإضراب في الدوائر والمصالح التابعة للإدارة العامة من دون أن تنفي وجود خروقات.

«الصحة»: عودة استثنائية غداً
قد يكون التزام وزارة الصحة بالإضراب هو المفاجأة، بدليل أنّ الناس لم يصدّقوا إمكان إقفال أبوابها، فحضروا منذ الصباح الباكر أمس لإتمام معاملاتهم لكنهم لم يوفّقوا بأحدٍ من الموظفين هناك. مع ذلك، سيخرق الموظفون الإضراب ويعودون إلى العمل غداً الأربعاء، ولمرة واحدة، للعمل على تسيير معاملات الاستشفاء والأدوية، إذ إن الأربعاء «هو اليوم الذي تجتمع فيه اللجان الطبية ومنها اللجان المتعلقة بالأدوية (أدوية السرطان تحديداً) لإعطاء الموافقات للأدوية والاستشفاء». وهو الحضور الاستثنائي الذي قرّره الموظفون في الوزارة خلال اليومين الماضيين، مراعاة «للظروف الإنسانية»، على ما يؤكد المدير العام للوزارة، فادي سنان. ومن المفترض أن يكون هذا اليوم هو أيضاً «يوم عمل» في مستودع الكرنتينا للأدوية، لتسيير طلبات المرضى، وتحديداً مرضى الأمراض السرطانية… ومن بعدها يعود الموظفون في مراكز الوزارة كافة إلى التعطيل التزاماً بقرار روابط الموظفين.

تفاوت في الالتزام
في المقابل هناك وزارات لم تشارك في التحرّكات. وزارة الداخلية مثلاً لم يلتزم موظفوها في المبنى الرئيسي في بيروت بالإضراب، مع العلم أنّ «إضراب موظفي القلم فقط يقفل الوزارة، فلا يمكن عندها لا استقبال ولا ترحيل المعاملات» بحسب إفادة موظف من داخلها. هذا الأمر تكرّر كذلك في وزارة التربية إذ لم يلتزم الموظفون بالإضراب وحضروا اليوم بشكل طبيعي إلى مراكز عملهم. أمّا من تغيّب منهم فتواصل معه مديره المباشر لمطالبته بتبرير غيابه وبتعويض هذا اليوم كي لا يخسر حقه في الـ90 دولاراً.
وكان الإضراب جزئياً اليوم في وزارة العمل إذ بقيت دائرة الاستخدام ومراقبة عمل الأجانب مفتوحة لتيسير المرفق العام، وفي «الشؤون الاجتماعية».

خطر على الرواتب
لعلّ الخوف الأكبر تسبّب به إضراب موظفي وزارة المالية بمختلف مديرياتها وخاصة مديرية الصرفيات المسؤولة عن تصدير جداول القبض لكلّ العاملين في القطاع العام. لم يعد هؤلاء الموظفون قادرين على الوصول إلى مراكز عملهم، فالتزموا بالإضراب أمس، ومنذ ما يزيد عن الأشهر الثلاثة لا يداومون لأكثر من يوم واحد أسبوعياً. هذا الأمر انعكس على الرواتب هذا الشهر التي تأخرت لثلاثة أيام لأول مرة منذ سنوات طويلة.
يطمئن وزير العمل أن لا خوف على الرواتب لناحية صرفها


يؤكّد النقابي محمد قاسم المتابع لتحرك الموظفين أنّ وزير المالية وعد بـ«تدبير خاص يساعد موظفي الصرفيات في المالية على الوصول إلى الوزارة». أمّا في حال عدم التزام وزير المالية بتنفيذ وعوده «فنحن ذاهبون لتأخير إن لم يكن انقطاع في صرف الرواتب».
من جهته يطمئن وزير العمل مصطفى بيرم أن "لا خوف على الرواتب لناحية صرفها، وهي أولوية رئيس الحكومة اليوم. ولكن النقص في عدد الموظفين قد يؤدي إلى تأخير عملية الصرف، وهذا ما نعمل على تفاديه. ولحلّ أزمة الإضراب يربط بيرم الأمر بإقرار الموازنة متسائلاً: «في وجه من ينفذ هذا الإضراب، حكومة تصريف أعمال؟» مقترحاً «الإدارة الذكية للإنتاج» بالحضور إلى الدوائر بطريقة المناوبة.