أسبوع مضى على جريمة قتل الرقيب في «الحرس الجمهوري»، عباس قيس، في منطقة الكفاءات في الضاحية الجنوبية لبيروت. خلفية الجريمة كما بات معلوماً جاءت بدافع السرقة، غير أنّ ما خفيَ أظهرَ وجود عصابة منظّمة تمتهن المضاربة على الليرة، ونشر صرّافين غير شرعيين في المحلة، وممارسة البلطجة وإن بلغت حدود القتل من أجل دولار! أراد المغدور عبّاس قيس تأمين دخل إضافي لأسرته المكوّنة من أب وأم وثلاث فتيات بعدما حوّل الدولار مخصّصاته من الليرة ركاماً. لسخرية القدر، وجد في الدولار نفسه سبيلاً... فتحوّل إلى «صرّاف جوال» يمارس «مصلحته» خلال مأذونيّته ضمن هامش ضيّق نسبياً. لعنة الدولار تدخّلت في مسار الأحداث لتعود و تُلاحق قيس مجدّداً. لم يرق نشاطه في الصيرفة إلى مجموعة من «الصيارفة الجوّالين»، تعمل بشكل منظم، وسبق لها أن جعلت من المحيط الذي بدأ المغدور قيس يعمل فيه مركزاً لنشاطها، من خلال فرض سلطتها بمختلف الطرق على المنطقة كوسيلة للتدجين.

إخضاع قيس
روايات عديدة يتم تناقلها حول ما حدث قبيل جريمة القتل، تُشير غالبيتها إلى تهديدات تعرّض لها قيس من هؤلاء لمنعه من مزاولة «الصيرفة» أو رغبة في إخضاعه وفرض «خوّة» عليه كضريبة عمل «في منطقتهم»، غير أنّ قيس كان يمتنع عن الخضوع، ولهذه الرواية، أن تدحض كل ما أُشيع عن ارتكاب جريمة قتله بدافع السرقة فقط، لتتحوّل القضية إلى مسار آخر مختلف كلياً.
يوم الخميس الماضي قرّرت المجموعة المهيمنة، تلقين قيس درساً وجعله عبرة. بحسب المعلومات المتوافرة، كمن له المدعو ع.ز يرافقه آخر من الجنسية السورية (يرجح أن يكون المدعو ح.ج)، وحالما مرّ الرقيب المغدور على متن دراجته النارية، أوقفه (ز) محاولاً سلبه الشنطة التي في حوزته. قاوم عباس قيس قبل أن يباغته الجاني بطعنة سكين، ثم عاجله بإطلاق 3 رصاصات باتجاهه من مسدس حربي، استقرّت في منطقتَي الرقبة والصدر قبل أن يلوذ بالفرار.
محاولات لمنع قيس من مزاولة الصيرفة أو فرض خوّة عليه


منذ لحظة تنفيذ الجريمة، كان القرار بالنسبة إلى الجيش العثور على الضالعين ومحاسبتهم، علماً أن العثور عليهم مثّل تحدياً بما أنّ الجريمة حصلت في وضح النهار وخلال سريان الحملة الأمنية الهادفة إلى إرساء الأمن و الاستقرار في الضاحية.

ملاحقة الجيش
وتُفيد معلومات «الأخبار» بأن عمليات المسح الميداني والاستعلامي، أثمرت عن العثور على خيط، أظهر بوضوح ضلوع ع.ز بجريمة القتل. التتبّع المكاني والمصادر البشرية كشفوا عن خريطة تحرّكاته، وأنه كان يتنقل باستمرار في شرقي بيروت برفقة سوريين، ويُعدّ بمعاونة آخرين لفراره باتجاه الأراضي السورية من خلال الاتفاق مع أحد المهرّبين. بناءً عليه، أوكلت مهمة متابعته إلى دورية من مخابرات الجيش، بعدما توفرت معلومات عن موعد فراره المحتمل. وخلال ذلك النهار تولت الدورية مراقبته منذ انطلاقه على متن سيارة صوب البقاع من أحد المناطق شرق العاصمة. وبحسب معلومات «الأخبار»، تمت مواكبة السيارة التي أقلّت ع.ز وكلّاً من الشقيقين السوريين ح.ج و ع.ج حتى بلغت بلدة حربتا، إذ كان من المفترض أن يعبر المطلوبون عبر نقطة عسكرية، كان سبق للجيش أن اتخذها كنقطة عبور إلزامية. غير أن استعدادات الجيش أتاحت للمطلوبين الشعور بأن لحظة توقيفهم قد اقتربت، ليبادر أحدهم حين وصل الحاجز إلى إطلاق النار صوب عناصره، لرغبته في فتح مسلك آمن للعبور، ليردّ الجنود بالمثل ويحصل اشتباك نتج عنه مقتل المطلوبين الثلاثة.
مصادر أمنية قالت لـ«الأخبار» إن الهدف كان إلقاء القبض على الموقوفين على قيد الحياة، غير أنّ ما حصل عدّل في النتيجة. في المقابل، كشفت المصادر أن التحقيقات في جريمة قتل الرقيب قيس إضافة إلى ملاحقة مطلوبين آخرين مستمرة.