بلا مستحقّات، بلا حوافز ماليّة وبلا بدل نقل، يستكمل المعلمون «المستعان بهم» في التعليم الرسمي، والذين يبلغ عددهم 14600 أستاذ (2600 في الدوام الصباحي ونحو 12000 في الدوام المسائي) عامهم الدراسي. من بين هؤلاء من يعتمد على مدّخراته، ومن بينهم من يستند إلى ما يرده من «فتات الأموال» لقاء عمله الآخر كمتعاقد أو أستاذ في الملاك، لتغطية نفقات الحضور إلى مركز عمله.
العمل بالسخرة
بعض المعلمين «المستعان بهم» توقفوا قسراً عن الحضور إلى مدارسهم، بقرارات فردية، وبسبب عدم قدرتهم على الاستمرار «بلا ولا شي»، وبعدما فشلت كل الإضرابات المتكررة في إعطائهم حقوقهم.
«تعبي ذهب سدى وعملي شبيه بالسخرة، في حين تتراكم المدفوعات المتوجّبة عليّ»، كما قالت فاطمة التي تعمل ضمن فئة المعلمين «المستعان بهم» في دوام بعد الظهر، و«بدلاً من أن أساعد زوجي في مصروف بيتنا وأولادنا، يدفع هو تكاليف حضوري إلى المدرسة»، علماً بأن قبض المستحقات لم يعد هاجساً، «لأنني حتى لو قبضتُها، سيكون بدل ساعات التدريس بالعملة الوطنية ولا قيمة له».
أما سينتيا فكانت تعوّل على ساعات التعاقد في التعليم الرسمي لتسند وظيفتها في المدرسة الخاصة، حيث لا يتجاوز راتبها الشهري مليونين و100 ألف ليرة، وبالكاد يكفيها لتعبئة الوقود لسيارتها من أجل المداومة في مدرسة واحدة.
معاناة مروان هي مع عدم دفع أتعابه بالدولار ما دامت الأموال تأتي من الجهات المانحة، وهو كان يراهن على قبض الحوافز الماليّة مرّتين ما دام يعمل في مدرستين في الدوامين الصباحي والمسائي، لكنه لم يقبض حتى الساعة سوى مستحقات ساعات التدريس المنفّذة في دوامه الصباحي، «والتي احتُسبت وفق منصّة صيرفة ولا تساوي قيمتها شيئاً»، سائلاً كيف يمكن له أن يداوم في مدرستين؟

الدفع عبر «الأو أم تي»
رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي، نسرين شاهين، قالت إن اليونيسف ستدفع مستحقّات المعلمين «المستعان بهم» عبر «أو.أم. تي»، وبالعملة الوطنية أو بالدولار وفق سعر منصّة صيرفة. وتقول: «إذا حدث هذا الأمر فعلاً ودُفع المبلغ الزهيد الذي قد يصل إلى دولار وبضع سنتات عن الحصّة الواحدة، فهذا يعني أنّ الدولة توافق على إهانة المعلّمين بهذه الطريقة!». وأمام الوعود الكثيرة التي سبق أن تلقّاها المتعاقدون بمختلف مسمّياتهم والمماطلة في تلبية مطالبهم المحقّة تزايدت الشكوك والتساؤلات. وفي الإطار، طالبت شاهين اليونيسف بتقديم كشف حساب شفّاف يبيّن حجم الأموال التي رصدتها لوزارة التربية، في حال كانت قد دفعتها فعلاً، وبالتالي يتحدّد عندها من المسؤول عن التأخّر في تسديد مستحقات المستعان بهم. ونبّهت إلى أنه «في حال عدم تقديم كشف الحساب فهذا يعني أن هناك سماسرة يعملون على خطّ اليونيسف - الوزارة ويستفيدون من قبض الأموال». ولوّحت شاهين بعدم تسليم علامات امتحانات نهاية العام الدراسي وعدم المشاركة في أعمال مراقبة الامتحانات الرسمية، ما لم تسدّد المستحقات والحوافز وبدل النقل.
إلا أن مصدراً مطّلعاً في وزارة التربية أكد أنّ «الوزارة أنهت إنجاز جداول بدل ساعات التدريس المنفّذة في الفصل الأخير من العام الدراسي الماضي، إضافة إلى جداول الفصل الأول من العام الدراسي الحالي 2021 -2022»، ولفت إلى أن القبض سيكون عبر «أو.أم. تي»، سواء بالدولار أو وفق سعر «صيرفة». وبيَّن المصدر أنّ الحوافز المالية 90 دولاراً دُفعت للمعلمين المستعان بهم في الدوام الصباحي، فيما بقيت حوافز المستعان بهم في دوام بعد الظهر.
بعض «المستعان بهم» توقّفوا قسراً عن التعليم بقرارات فردية


وأعلن أن وزير التربية عباس الحلبي وقّع هذه الحوافز الماليّة لأكثر من 10 آلاف معلم مستعان بهم في دوام بعد الظهر عن الأشهر الممتدّة من تشرين الأول من العام الماضي حتى آذار من العام الحالي ضمناً، وتمّت إحالتها إلى اليونيسف للموافقة عليها وصرفها في خلال فترة وجيزة. أمّا بالنسبة إلى العدد الباقي من المستعان بهم في دوام بعد الظهر والذي يقارب 1500 معلم، فأوضح أنّه «تمت مراجعة بعض المناطق التربوية بخصوصهم لوجود أخطاء في معلوماتهم الشخصية الواردة إلى الوزارة، بهدف تصحيحها وتمهيداً للبتّ بها».

بدل النقل باقٍ
وبالنسبة إلى بدل النقل، نفى المصدر الأخبار المتداولة عن إلغاء بدلات النقل الخاصة بهم، مشيراً إلى أنها ستُدفع كما وعد بها الوزير، إنّما لم تتوافر حتى الساعة الاعتمادات لها، في انتظار إصدار وزارة المال آلية الدفع وتوافر الأموال اللّازمة من الجهات المانحة.