ليس تفصيلاً اختيار القوات اللبنانية ساحة بلدية جزين، التي يرأسها عوني، لتنظيم «احتفال النصر» في الانتخابات النيابية الأخيرة. مساء السبت الماضي، اصطفّت الكراسي على جانبَي الطريق عند مدخل المدينة واحتشد العشرات متحلّقين حول أول نائبين للقوات في القضاء، غادة أيوب وسعيد الأسمر. وللمرة الثانية في غضون أقل من شهر، جاء صوت رئيس القوات سمير جعجع عبر الشاشة، محتفلاً بانتصاره على التيار الوطني الحر في عقر داره. في الطريق من المعبور باتجاه تقاطع البلدية ومطاعم الشلال والبوليفار، ومنها إلى بلدات جبل الريحان، لا تزال أعلام التيار الوطني الحر تظلّل العابرين منذ سنوات. هنا قصر البلدية التي يرأسها القيادي العوني خليل حرفوش مع اتحاد بلدياتها منذ 2010. وهناك منزل «النمر» زياد أسود عند مدخل سوق السد. بينهما تنتشر صور الرئيس ميشال عون في المدينة التي اجتاحها التسونامي البرتقالي عام 2009. لم تألف عروس الشلال الضيف الجديد بعد. حضوره يقتصر على الأعلام البيض التي تتوسطها الأرزة. حتى الآن، لم ترفع صور جعجع. عام 2018، خسر التيار أول مقعد من ثلاثة، قبل أن يخسر المقعدين الآخرين بعد أربع سنوات. المصدومون من انتزاع القوات مقعدَي التيار، سيصحون قريباً مع بدء العد العكسي للانتخابات البلدية، ولا سيما بعدما صوّب جعجع على أدائها خلال حملته الانتخابية الجزينية. ما إن احتشد القواتيون حتى انتشر عناصر الشرطة البلدية على درج القصر البلدي، ووضعوا قواطع حديدية كأنها الحد الفاصل، لمنع تمدّد الاحتفال إليه الذي رُفعت فيه رايات «قوات الصدم» التي كانت بمثابة «قوات النخبة» في القوات إبان الحرب، وارتبط اسمها بمجازر وعمليات تهجير وخطف.
تحت شعار «ما فينا إلا ما نشكركن»، رأى جعجع أن جزين «عادت للحبيب الأول». ودعا أيوب والأسمر ومسؤولي القوات إلى «إطلاق ورشة لإبراز جمال هذه المنطقة الذي يحتاج الى عناية بعدما ذبل في السنوات الأخيرة».
غبطة القواتيين بفوز جزين يقابلها ترقّب في صيدا والريحان. يتخوف كثر، منذ «الأحد الأسود» في 15 أيار، من إشكالات واستفزازات مع المحيط. يؤكد الأسمر أن «أجواء التخويف هذه يحاول بعض أصوات النشاز إشاعتها والترويج لحرب أهلية وتهجير. لهؤلاء نقول إن القوات اللبنانية في جزين ستحافظ على العيش المشترك من الريحان الى صيدا. لكن نريد إعادة القرار الى يد الدولة ومؤسساتها الشرعية ودعم حصر السلاح بيد الجيش».
بالتزامن مع احتفال جعجع بجزين، كان رئيس التيار جبران باسيل يؤكد من الواجهة البحرية لبيروت «أنني حزين على جزين الجريحة التي انسرق تمثيلها. كنت متخوفاً من أن نصل الى هنا بسبب التمادي بالأنانية وبسبب الحصار الذي تعرّضنا له. لكن لا نزال الأوّلين فيها وستبقى قلعة عونية وسنردّ الطعنات التي تعرّضنا لها». في الصف الأول في احتفال التيار، كان لافتاً حضور المرشح الخاسر أمل أبو زيد وغياب زميله الخاسر زياد أسود. تحمّل قيادة التيار الأخير مسؤولية الهزيمة بسبب خلافه مع أبو زيد. لكن مناصري «النمر» يحمّلون القيادة المسؤولية بسبب «انحيازها لأبو زيد حتى وصل الأمر بباسيل الى انتقاد أسود علانية في المهرجان الانتخابي الذي حضره في جزين قبيل الانتخابات والإيعاز لمنح الصوت التفضيلي لأمل». كما اتهم مناصرو أسود أبو زيد بـ«شراء الأصوات وحجز الهويات». مع ذلك، حصل أسود في المدينة على أكبر عدد أصوات تفضيلية (796 صوتاً) في مقابل 669 لأبو زيد. لكن، مع تلهّي المرشحَين العونيّين بخلافاتهما، حصد الأسمر 604 أصوات تفضيلية وأيوب 559 صوتاً داخل جزين.
لا تجد «جماعة زياد» منافساً له حتى مع فوز القوات. «لا أحد يمكنه مواجهة القوات في جزين إلا أنا. لكن فليتحمل مسؤولية المواجهة من جعلهم يفوزون» قال أسود لـ«الأخبار»، مشيراً إلى «أنني الآن أريد أن أصيّف مع عائلتي في جزين على رواق، ولن أخوض معارك الآخرين».