لم تنتظر الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، لتفك توقفاً قسرياً عن التعليم أعلنته منذ 14 آذار الماضي. فعلت ذلك قبل موعد الجلسة بأسبوع وقبل الانتخابات النيابية. ولو أن "الخرق القسري" للقرار بضغط من المسؤولين الأكاديميين في الجامعة وأعضاء في الهيئة التنفيذية نفسها كان كبيراً، إلا أن مجرد التراجع إعلامياً بالحد الأدنى ولّد إحساساً بالمرارة والانكسار لدى الأساتذة الذين عادوا "أونلاين" إلى كلياتهم، فاقدي الحيلة، وبلا أي غطاء نقابي. وبقيت الجامعة مسلوبة القرار والصلاحيات بلا عمداء ولا مجلس ولا تفرّغ ولا ملاك.
زيادة مساهمة الدولة في الجامعة 104 مليارات لدفع المساعدة الاجتماعية (أرشيف- مروان طحطح)

وفي هذه الأثناء، تصاعدت الأصوات المطالبة باستقالة أعضاء الرابطة من مناصبهم، لا سيما بعد فشل الأداة النقابية في إدارة المعركة، وإرغام الأساتذة على العودة إلى صفوفهم، بغياب أدنى المقومات ومن دون الحصول على أي حقوق. وبعدما استقالت اللجنة التمثيلية للأساتذة المتعاقدين، احتجاجاً على التعاطي الرسمي مع الجامعة، بدا لافتاً أن تصدر أمس عن "أساتذة متعاقدين" دعوة للاعتصام أمام القصر الجمهوري باللباس الأسود والأعلام السوداء لنعي الجامعة، في ما لو لم يتمّ إقرار ملف التفرّغ.
بعد شهرين من بدء التحرّك، لم تدرج الحكومة الملفات الحيوية للجامعة على جدول أعمال جلستها، اليوم، ولن تقرّها ولو من باب "التهريب"، رغم أن وزير التربية، عباس الحلبي، بقي متفائلاً حتى الرمق الأخير، ولا يزال يشيع بأنه موعود بإقرار ملفي إصدار عقود المدرّبين ودخول الأساتذة المتعاقدين بالتفرّغ ملاك الجامعة. وقد زار أمس للغاية رئيس مجلس النواب نبيه بري لتسهيل تمرير مراسيم الجامعة اليوم، إلا أن أجواء القوى السياسية لا تعكس هذا التفاؤل، إلا إذا حدثت أعجوبة في الربع الساعة الأخير عشية الجلسة.

المساعدة الاجتماعية
حتى الآن، "ظفرت" الجامعة ببند يتيم حمل الرقم 61 ويقضي بالموافقة على مشروع مرسوم لنقل اعتماد من احتياطي الموازنة العامة إلى موازنة وزارة التربية لعام 2022 على أساس القاعدة الإثني عشرية بقيمة 104 مليارات و97 مليوناً و166 ألف ليرة، ولتغطية كلفة "المساعدة الاجتماعية والزيادة في تعويض النقل المؤقت عن 6 أشهر ابتداءً من 1/1/2022"، أي أن هذه الزيادة "الطفيفة" على مساهمة الدولة في الجامعة (362 مليار ليرة) مخصّصة لغاية معينة ولا علاقة لها بتسيير أمور الجامعة وتشغيل مبانيها أو التفكير بتأمين العودة إلى التعليم الحضوري أو ما شابه. أما البند 60 المتعلق بفتح اعتماد إضافي بقيمة 28 ملياراً و70 مليون ليرة في مشروع موازنة الجامعة لتغطية كلفة إعطاء مساعدة اجتماعية للعاملين في الجامعة على مختلف مسمياتهم عن شهرَيْ تشرين الثاني وكانون الأول 2021، فلم يكن هناك داع لإدراجه على جدول أعمال مجلس الوزراء، إذ إن ذلك يحتاج فقط إلى توقيع وزيري التربية ورئيسي الحكومة والجمهورية، وقد وقع الوزيران عليه.

عودة المولى!
ويتضمن البند 91 من جدول الأعمال إدخال الدكتورة دينا المولى ملاك الجامعة اللبنانية، بعدما استقالت من الجامعة الإسلامية بسبب الشهادات المزوّرة للطلاب العراقيين التي بلغت عشرات الآلاف، وهو ما أثار استغراب مصادر نقابية، خصوصاً أن المولى تركت الجامعة لترأس الجامعة الخاصة وتنال راتباً أعلى، فهل يجوز لمن ترك الجامعة خمس سنوات أن يعود إليها بعد فضيحة؟ وهل حُولت إلى التحقيق وأين وصل التحقيق؟ وهل يجوز أن يتجاوز الوضع خارج الملاك سنة واحدة؟ مصادر جامعية أوضحت أن الجامعة ملزمة قانوناً بإعادتها كونها وضعت خارج الملاك، وانتهت هذه الوضعية اليوم.

شورى الدولة
وتحت عنوان شؤون جامعية، تطلب وزارة التربية الموافقة على التعاقد بالتفرّغ مع الأستاذ في كلية الصحة العامة عزام أحمد الولي، اعتباراً من تاريخ تنفيذ قرار مجلس الوزراء الرقم 32 بتاريخ 24/7/2014، وتماشياً مع قرار مجلس شورى الدولة الرقم 466/2016 ـ 2017 بتاريخ 6/4/2017. "تمرير" تفرغ أستاذ واحد أثار علامات الاستغراب في صفوف الأساتذة وخصوصاً في صفوف المستحقين للتفرغ. إلا أنه تبين أن قرار التفرّغ في العام 2008 حفظ حق الأستاذ في "التفرّغ المقبل" أي في العام 2014، إلا أن اسمه سقط، بالحسابات السياسية، ما دفعه إلى رفع دعوى أمام مجلس شورى الدولة وربحها. تجدر الإشارة إلى أن نحو 70 أستاذاً واجهوا الموقف نفسه في العام 2014 حيث سقطت أسماؤهم من قرار التفرغ، فرفعوا دعوى إلى مجلس شورى الدولة الذي اكتفى حتى الآن بقرار إعدادي ولم يصدر الحكم النهائي بعد. وهناك 33 أستاذاً متعاقداً بالتفرغ رفعوا، منذ نحو عام، دعوى أمام مجلس شورى الدولة لدخول الملاك، ولم تتقدّم كل من المستدعى ضدهما، الدولة والجامعة اللبنانية بأي لائحة جوابية حتى الآن.