تنشط الماكينات الانتخابية عند كل استحقاق انتخابي لضمان أعلى نسبة اقتراع للوائحها، ويأتي في أُولى المَهام المنوطة بها تأمين النقليات وبدلات النقل (بونات البنزين) للناخبين لينتقلوا إلى أماكن قيدهم ولا سيما أن كثيرين منهم قد يمتنعون عن الاقتراع بسبب ارتفاع كلفة النقل.كلّ الأحزاب، من دون استثناء، أعدّت خطة نقل بدأت بتطبيقها منذ أيام عبر مفاتيحها الانتخابية من مخاتير ومندوبين في المناطق والقرى. يعملون كخلايا النحل، محاولين التقليل قدر الإمكان من هوامش الخطأ كأن تُمنح قسائم البنزين (البونات) لمن لن يقترع. ومن الأفكار التي ستُعتمد هو تسليم «بون البنزين» على دفعتين، عند الانطلاق وعند العودة من مكان الاقتراع عبر مندوب يكون موجوداً عند محطة البنزين، ليختم البون.

عدم تكافؤ الفرص
تختلف قيمة القسائم، إذ تُدفع لكل آلية بحسب المسافة التي يحتاج إليها الناخب للوصول إلى محلّ قيده. فمن سينتقل على سبيل المثال من بيروت إلى الهرمل يحصل على «بون» بـ90 ليتراً من البنزين. ومن هنا يمكن تقدير ما ستتكبّده الماكينات الانتخابية من أموال لتوفير النقل. لكنها «كلفة سخيفة إذا ما قورنت بما تدفعه الأحزاب للأصوات» يقول مرشح عن لائحة «بيروت مدينتي»، مشيراً إلى عدم تكافؤ الفرص بين المرشحين خصوصاً الذين لا قدرة لديهم على تأمين كلفة النقل لناخبيهم.
حالة العجز عن تأمين النقليات تنسحب على معظم لوائح «قوى الاعتراض» بحسب أحدهم. يقول: «نحن في حالة عجز كلي ولا إمكانات لدينا لتأمين نقل الناخبين بالباصات وغيرها. فمجمل التبرّعات التي حصلنا عليها لدعم الحملة من مغتربين ومقيمين وصلت إلى 20 ألف دولار فقط، ولذلك ينفق المرشحون من لحمهم الحي». يقدّم نفسه مثالاً: «استطعت أن أؤمّن بين 50 إلى 70 سيارة من مالي الشخصي لأشخاص نعرف تماماً أنهم سينتخبوننا».
اختار صاحب شركة عدم تأجير باصاته على حساب ضياع بلد


التأجير بالـ«فريش دولار»
حلّ آخر تم اللجوء إليه، وهو استئجار الباصات والفانات والسيارات العمومية لكي تنقل من لا يملكون سيارات إلى قراهم، وتُعيدهم إلى أماكن سكنهم وحتى تؤمّن نقلهم ضمن البلدات نفسها.
يقول محسن نجم الدين، صاحب شركة السلام لتأجير الباصات، إن غالبية باصاته حُجزت عبر الهاتف، موضحاً أن أجرة باص متوسط من نوع روزا، يتّسع لـ 32 راكباً، تُراوح بين 300 إلى 350 دولاراً إلى الجنوب والبقاع. ويلفت إلى أن الطلب يكون غالباً على الباصات الصغيرة من سعة 14 راكباً وهي تنقل عائلة واحدة أو اثنتين على الأكثر نظراً إلى أن البيوت في القرى قد يكون بعضُها بعيداً عن بعض.
أما بالنسبة إلى شركة «ستار ناسيونال» لتأجير البولمنات والباصات، فيقول صاحبها علي بارصا إنه لن يعمل في الانتخابات خوفاً من المشاكل وحوادث التكسير التي قد تقع «لأن قطع الغيار والتصليح غالية وبالفريش دولار». في المقابل، اختار هشام شكري، صاحب شركة في الأشرفية، عدم تأجير باصاته «على حساب ضياع بلد» كما يقول، فالنواب «رح يحبونا بنهار وباقي الأربع السنين الجاية ما رح يتغير شي فأقل شي ما شارك بالتدمير المقبل وبلا 600 دولار»، مشيراً إلى أن قريبه أجّر 12 باصاً صغيراً (فان) لحساب نقولا الصحناوي بكلفة 300 دولار للباص الواحد.
صاحب أحد الفانات يقول إنه لن ينتخب، ولكنه سيعمل هذا اليوم وسيتقاضى نحو 100 دولار صافية «والكحل أحلى من العمى». فيما ينفي أصحاب شركات التأجير الذين تواصلت معهم «الأخبار» أن يكون ثمة ضغط كبير على الباصات أكثر من الدورات السابقة. فالحملات «تُدفع بالدولار الفريش وبالتالي لم يتغيّر عليها شيء».