«كي لا تضيع الحقيقة في البحر» عنوان ناقص... فقد سقط تحميل مسؤولية عدم تضييع الحقيقة سهواً. وفي ذلك خطأ مقصود، لا بسبب جهل او تجاهل الطرف المسؤول، بل لأن كلّنا مسؤول، وبالتالي لا داع للتصويب. سقط سهواً تذكير وسائل الاعلام والسياسيين والوزراء والعسكريين والقضاة بعدم استباق نتائج التحقيقات الجنائية ووجوب الامتناع عن اصدار الاحكام المسبقة أياً كانت الحجج والتبريرات والمعلومات. فالحفاظ على معنويات الجيش ومكانة الدولة يكون من خلال الحفاظ على المؤسسات وعلى النظام الأساسي لعمل تلك المؤسسات، بحيث يتضمن الجيش شرطة عسكرية من مهامها التحقيق في حوادث من هذا النوع بإشراف القضاء العسكري.
ولا يكون الحفاظ على المؤسسة العسكرية من خلال وضعها في مواجهة الناس، بل لا بد ان يكون الجيش والشعب معاً تحت سلطة القضاء، للتأكد من ان الضباط والعسكريين يقومون بواجباتهم بشكل سليم وقانوني.
ان الاحكام المسبقة بحق الضباط والعسكريين وتجاهل قرينة البراءة ليس اعتداء عليهم وعلى الجيش وحسب، بل هو اعتداء على معايير العدل والانصاف. وبموازاة ذلك، فإن حسم الموضوع قبل انتهاء التحقيق من قبل بعض القيادات والوزراء والضباط ليس مجحفاً بحق ذوي الضحايا وحسب، بل أيضاً بحق الجيش كمؤسسة ومكانته وبيئة العسكريين الاجتماعية خصوصاً في طرابلس والشمال.
وقع الحادث الأليم وسقط عدد كبير من الضحايا من بينهم أطفال ونساء وشباب وما زالت فرق الانقاذ تبحث عن المفقودين.
الكل يطالب بتحقيق قضائي مستقل وصادق، لكن شرط ان تأتي هذه المطالبة بعد إصداره الحكم المسبق. ولدى سؤاله عن هذا التناقض يدّعي بغرور ان لديه اثباتات ومعلومات اكيدة.
هكذا يكون الافلات من العقاب.