ليست الأحزاب السياسية، من تيار وطني حر وقوات وكتائب، القوى الناخبة الأبرز في دائرة بيروت الأولى. لطالما ارتبطت هذه الدائرة، ولا سيما المقعد الكاثوليكي فيها، بميشال فرعون الذي يعادل تأثيره تأثير حزب منظّم. منذ عام 1992 وحتى عام 2018، كان طريق الفوز النيابي والبلدي في الأشرفية يمرّ بالتحالف معه. لـ«حزب فرعون» ماكينة انتخابية وخدماتية تعزّزت خبرتها عبر السنوات وحظيت بدعم حريري لامتناه. فعلياً، شكّل فرعون نقطة ارتكاز قوى 14 آذار في الدائرة مستفيداً من القانون الأكثري. تغيّرت المعادلة عام 2018 مع دخول التيار الوطني الحر بمرشح كاثوليكي هو نقولا صحناوي، وترشّح فرعون على لائحة القوات اللبنانية التي أخذت منه حاصلاً ولم تعطه شيئاً. أعاد القانون النسبي الحزبي إلى حزبه، فسقط فرعون الذي كان يستميل أصوات القوات والكتائب والمستقبل إضافة إلى مؤيديه وجيش من الموظفين في الإدارات العامة والمؤسسات والمستفيدين من الخدمات الاجتماعية والصحية التي كان مكتبه يؤمّنها. رغم ذلك، نال في اللائحة التي ضمّته مع القوات والكتائب وأنطون صحناوي 3200 صوت تفضيلي، أي نحو 8% من أصوات الناخبين في الدائرة مقابل 3900 صوت تفضيلي لمرشح القوات. التجربة غير المشجعة حالت دون ترشحه مرة أخرى، رغم دخوله في مفاوضات مع القوات فالطاشناق ثم بعض المستقلّين، ليقرر بعدها الخروج من السباق الانتخابي. هذا الاعتكاف قابله تهافت من الأحزاب والمستقلين ومجموعات المجتمع المدني للغرف من صحن فرعون الذي لا يزال يحرّك نحو 40 مفتاحاً انتخابياً، وهو ما لا تملكه أكبر الأحزاب.في دائرة بيروت الأولى تحتدم المعركة على عشرات الأصوات. فرغم الحاصل الانتخابي المنخفض (5200 صوت) في عام 2018، عجزت القوى السياسية عن تأمينه منفردة. باستثناء التيار الوطني الحر الذي بالكاد أمّن حاصلاً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حزب الطاشناق، عجز مرشح القوات عماد واكيم وابن بشير الجميل، نديم، عن بلوغ الحاصل بمفردهما رغم وسم الدائرة تاريخياً بأنها «أشرفية القوات والبشير».
لذلك، بدأ حجّ المرشحين إلى دارة فرعون: من مرشح القوات على المقعد الأرثوذكسي غسان حاصباني ومرشحها على مقعد الأرمن الأرثوذكس جهاد كريم بقرادوني إلى زميلهما جورج شهوان مروراً بالنائب نديم الجميل وزميله على اللائحة عن مقعد الأقليات أنطوان سرياني، إلى مرشحة «تحالف وطني» بولا يعقوبيان ومرشحة «بيروت مدينتي» ندى صحناوي وآخرين. الكل يريد دعم فرعون، ويبحث عن وسيلة لاستمالة مفاتيحه، بالعاطفة أو من باب الصداقة أو بالدعم المالي، إذ إن أصوات هؤلاء يمكن أن تضمن حاصلاً للائحة وكسر حاصل للائحة أخرى للفوز بمقعد إضافي وهذا ليس تفصيلاً في دائرة تشهد إحدى أشرس المعارك بين 6 لوائح: لائحة التيار والطاشناق، لائحة القوات وجورج شهوان، لائحة المصرفي أنطون صحناوي ونديم الجميل، لائحة «بيروت مدينتي»، لائحة «تحالف وطني» ولائحة «مواطنون ومواطنات في دولة». السؤال الرئيس هنا: فرعون مع من؟
قرّر وضع قائمة من 11 سؤالاً للمرشّحين قبل أن يغربلهم بحسب إجاباتهم


يؤكد النائب السابق لـ«الأخبار» أنه لن يوعز إلى مفاتيحه بانتخاب مرشح ضد آخر، لكنه سيحدد لهم من لا ينتخبون، وهذا يشمل حصراً التيار الوطني الحر. فعلياً، يناصر فرعون 6 مرشحين: يعقوبيان وبقرادوني وحاصباني وسرياني والجميل وندى صحناوي. يضيف: «لا يسعني القول إنني ضد الطاشناق، لكن لن أعطيهم أصواتي لعدم وضوحهم السياسي».
دعم فرعون لكل هؤلاء ضيّع مفاتيحه فبات مكتبه يتلقّى عشرات الاتصالات لسؤاله عما يفعلون. لذلك قرّر وضع قائمة من 11 سؤالاً للمرشحين قبل أن يغربلهم بحسب إجاباتهم. وتتمحور الأسئلة حول الموقف من سلاح حزب الله، القرب من 8 أو 14 آذار، الموقف من الدستور واللامركزية وقانون الانتخاب النسبي، من يحمّلون مسؤولية الانهيار الاقتصادي وتردّي العلاقات مع الخليج، التحقيقات في انفجار المرفأ، وأموال المودعين، إضافة إلى طلبه من المرشحين إعلان موقفهم من شبهات فساد على مرشحين أو داعمي لوائح، ورؤيتهم السياسية والمالية بشكل خاص تجاه المصارف ورياض سلامة والمودعين. وهو بذلك يغمز من قناة المصرفي أنطون صحناوي الذي يخوض الانتخابات في الأشرفية. لا يعلّق فرعون على ما يقصده و«لست في وارد تسمية المعنيّ بكلامي»، لكنه يؤكد أنه سيخرج بموقف رسمي قريباً يوضح فيه توجهاته وتوجهات ماكينته.