نضجت طبخة المجالس التحكيمية التربوية، وباتت مراسيمها قاب قوسين من الإقرار، بعدما وقّع وزير العدل، هنري خوري، أخيراً، مرسوماً عيّن فيه القضاة، رؤساء للمجالس. وكان وزير التربية، عباس الحلبي، حوّل، قبل 4 أشهر، إلى وزارة العدل "تشكيلة" المجالس (قضاء تربوي يفصل في النزاعات بين إدارات المدارس الخاصة وأهالي التلامذة) وتضمّ ممثلي لجان الأهل وممثلي أصحاب المدارس. وبذلك، يفترض أن يكون عقد المجالس قد اكتمل، على أن المراسيم لا تحتاج إلى قرار في مجلس الوزراء، بل تنتظر توقيع كلّ من رئيسَي الجمهورية والحكومة ووزراء التربية والمال والعدل. رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، لمى الطويل، تبلّغت أمس بأن كلّ الإجراءات المطلوبة لإعداد المراسيم أُنجزت، والأمر بات متوقفاً على تواقيع المسؤولين المعنيين فحسب. وأشارت الطويل إلى أن "وصول هذا المطلب الحيوي للأهل إلى خواتيمه جاء نتيجة ضغوط قام بها الاتحاد طيلة الفترة السابقة وإصرار من وزير التربية على تشكيل المجالس في عهده، إذ قام بكل التسهيلات اللازمة ليبصر النور، والاتحاد اليوم بانتظار صعود الدخان الأبيض قريباً".
وقالت الطويل إن المجلس سيلعب دوراً رئيسياً، ولا سيما في ظل فشل المحاولات لتعديل القانون 515 وإصرار المدارس على فتح سقوف الزيادات على الأقساط، لافتة إلى أنه مع إقرار مراسيم المجالس التحكيمية، سوف تتمكن مصلحة التعليم الخاص من تحويل الموازنات المدرسية المخالفة إلى المجالس، ولا سيما إذا تبين أن هناك خللاً في توزيع النسب بين الإيرادات (رواتب وأجور وتعويضات) التي تمثل 65% على الأقل، والمصاريف التشغيلية التي تمثل 35% على الأكثر، ولا تُرمى في الأدراج كما كان يحصل سابقاً.
في الواقع، ليست المرة الأولى التي يوقّع فيها وزير للعدل مرسوماً يعين فيه القضاة، رؤساء للمجالس، إذ سبق لوزير العدل السابق، سليم جريصاتي، أن أصدر المرسوم الرقم 3103 بتاريخ 21/5/2018، قبيل استقالة الحكومة آنذاك، وعشية الانتخابات النيابية، أي في ظروف مشابهة. لكنّ التسويف أتى يومها من السلطة السياسية التي رفضت اكتمال عقد المجالس باختيار وزير التربية لممثلي لجان الأهل وممثلي أصحاب المدارس، كي تصدر المراسيم النهائية.
المجالس التحكيمية كانت على مدى السنوات العشر الأخيرة مطلب أولياء الأمور ولجان الأهل واتحاداتهم نتيجة المبالغات في أرقام الموازنات المدرسية والزيادات العشوائية وغير المبرّرة التي تفرضها المدارس على الأقساط. القضاء التربوي، بحسب الطويل، هو الفيصل لحل كل النزاعات التي يمكن أن تنشأ بين الأهالي وإدارات المدارس، علماً أن هذا الملف وُضع مرات عدة على نار حامية وكانت الطبخة في كل مرة على قاب قوسين من الإنضاج قبل أن تقرر السلطة السياسية العرقلة. وبحسب الطويل، المجلس التحكيمي هو ضرورة لكل الأطراف المعنية، شرط اختيار ممثلين حقيقيين للأهالي، ما يضمن استردادهم لأموالهم في حال حصول فائض في الموازنة ودفع الأعباء الإضافية في حال حصول عجز، باعتبار أن المجالس تفرض تعيين خبراء يكشفون على حسابات المدارس.