تضحيات «على مدّ عينك والنظر». تضحية بالراتب وبالتنقل وبالمساعدة وبالتعاونية وبالاستشفاء... لم يبقَ إلا أن تطلب الدولة من الأستاذ التبرّع بما يتبقى له من راتب لدعم الخزينة والتلاميذ والمدارس، ثم لا تتركه بحاله بل تطلب منه الحضور إلى الدوام واستكمال العام الدراسي المستمرّ بشكل عادي وطبيعي بحسب تعاميم الوزير التي تذكر بشكل دائم بمواعيد الامتحانات الفصلية.ومع انسداد الحلول وعدم القدرة على الاستمرار دعا الأساتذة الروابط للتحرّك والإقدام على خطوات من شأنها تحصيل أي مكتسبات لا سيّما بعد ما جرى في الاعتصام الأخير أمام وزارة التربية حيث أسمعوا من يعنيهم الأمر أنّ الحل لن يكون إلّا بالعودة إلى الجمعيات العمومية واللا عودة إلى التعليم.
وبعد اجتماع الهيئة الإدارية تقرّر فعلًا الدعوة إلى جمعيات عمومية بتوصيتين فقط، الأولى تقضي بتقليص الدوام لثلاثة أيام أسبوعياً والثانية بتقليصه ليومين فقط، من دون التلميح لإمكانية الإضراب أو التوقف القسري عن التعليم عدا يوم غد الأربعاء للمشاركة في اعتصام أمام المصرف المركزي، ما زاد من غضب الأساتذة ونقمتهم، لا سيّما أنّ هذه التوصيات بحسب الأستاذة كلارا اللقيس «غير قابلة للتنفيذ بشكل فعلي على الأرض وهي لرفع العتب، فأيام التدريس الفعلية المتبقية لا تتجاوز الخمسة وعشرين يوماً».
هذا الغضب والصوت العالي على المنصات الإلكترونية انسحب على اجتماعات رابطة التعليم الثانوي التي عادت للاجتماع ليل الاثنين لتعديل التوجه، ولكن من دون الوصول إلى أي نتيجة بسبب الخلافات الكبيرة بين الأعضاء، والتي كانت واضحة في البيانات الصادرة عن بعضهم بعدم قدرتهم على التوجه إلى الثانويات بسبب الوضع المالي المزري، فطلع فجر يوم الثلاثاء من دون صدور أي بيان رسمي، بل بيانات متفرقة عن ثانويات تعلن فيها عدم العودة إلى التعليم بسبب توجه أساتذتها لعدم الحضور، عاجلتها مديرية التعليم الثانوي في وزارة التربية بالطلب من الثانويات إيداعها جداول بالمتغيّبين من دون أعذار تمهيداً للاستجواب ربما!

الجمعيات العمومية
مع عودة التلاميذ إلى مقاعدهم يوم الثلاثاء في عددٍ من الثانويات عُقدت الجمعيات العمومية لمناقشة طلب التصويت على التوصيات فكانت النتيجة المتوقعة: رفض قاطع لطريقة كتابة التوصيات ولعدم تضمينها طلب الذهاب إلى الإضراب من جهة، والاعتراض على الأداء الضعيف للهيئة الإدارية لرابطة التعليم الثانوي من جهة ثانية، فكانت المحاضر تُنبئ بإجماع عام بالامتناع عن التصويت وكتابة توصيات جديدة أبرزها طلب التوجه إلى إعلان الإضراب المفتوح أو تعليق العام الدراسي لحين تحقق المطالب.
كما كانت نبرة الأصوات عالية في وجه أعضاء الهيئة الإدارية حيث طلب بعض الأساتذة التوجه نحو سحب الثقة منها، كونها لم تكن على قدر التوقعات أو الوعود التي قطعتها عند انتخابها، معتبرين أن القول بـ»إنّ الدولة مفلسة وعليكم التحمل أمرٌ غير نقابي وغير مفهوم، فالهدف من وجود الرابطة هو الحفاظ على وضع جيّد للأساتذة لا نشر اليأس والإحباط».
هذا التململ انعكس أيضاً لدى بعض أعضاء الهيئة الإدارية في ثانوياتهم حيث قالوا إنّ رابطة التعليم الثانوي تحولّت من ريادة الحركة النقابية في لبنان إلى الجلوس أمام وزراء الحكومة وسماع وعودهم ونقلها للأساتذة من دون القدرة على التغيير!