على الأقطار العربية أن تتذاكر أنها تجابه منظمة يهودية عالمية. وأن هذه المنظمة العالمية تضم اليهود على جميع جنسياتهم. فتبسط شباكها على المعمور قاطبة، ولها في الحكومات من النفوذ ما تستطيع. ثم ان لديها من الدعاوة وأساليب الدسائس أرهب الفنون. فما دامت الدولة اليهودية على حدّ ما أعلنتها الصهيونية، وما دامت دولة إسرائيل ماثلة في جميع الأمصار متفرعة، فيسير ان نتمثل الضغط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإنساني الذي قد تمنى به البلدان العربية.

ميشال شيحا 1891 - 1954 واضع دستور استقلال لبنان عام 1926


فان قوة إسرائيل العالمية التي تمثلها في تل ابيب حكومة دولة ذات سيادة، تجتمع كلها على البلدان العربية وعلى استعبادها الاقتصادي من أجل سيطرة سياسية آتية. ان من يأبى النظر في هذه الامور ينكر من الامور أرجحها، بل انه ينكر اليقين والحق الذي لا مريّة فيه. وما من ريب في أن الصهيونية قد تعترضها الاحداث. ولكن هذا هو تصميمها. فان كتب لهذا التصميم أن يتحقق كان فيه للأقطار العربية بدء هجرة شاملة، تكاد لا تخفى، أو بدء عبودية حقيقية. ويفجعنا أن نحلّ محلّ اليهود، على دروب البسيطة. فوجود دولة يهودية ذات سيادة على تخومنا كمثل انتقال ثلاثة ملايين يهودي من نيو يورك تنزل ههنا، وستة ملايين أخر تفد من لندن وباريس ومن كل ناحية.
ليست المقاومة العربية أمراً لزاماً فحسب انها لأمر حيوي. ولسوف تضحي مع الزمن بالنسبة الى الشرق الأدنى، من اليابسة الآسيوية الى مصر، قضية حياة وموت، حقاً وواقعاً.
فللدول الكبرى ان تصمد في لعبتها المزدوجة أو المثلثة أو أن تعمه في عماها. ولها أن تتجاهل صميم المشكلة حتى يقضي الله أمراً، وأن تنقاد للانتهازية أو هوى يذكيه المال اليهودي.
نحن نعي ان في دفاعنا ههنا عن نفسنا، انما ندافع عن الدول الكبرى بالذات وأننا فوق كل شيء نذود عن العدالة التي لا تبور، بل عن السلام العالمي وقد اتاه النذير.

18 أيار 1948