الفوز الكبير الذي سجّلته «النقابة تنتفض»، في انتخابات نقابة المهندسين قبل 7 أشهر، تبخّر من دون أن تتمكّن من مراكمة جهودها. تكتّلت أحزاب السلطة وعادت إلى النقابة وكأنّها تستعيد شيئاً من «حقها الطبيعي»، وتمكّنت من قول كلمتها قبل شهرٍ واحد من موعد الانتخابات النيابية: لا يُمكن كسرها، إذ إنّ أنيابها مغروزة في مفاصل الإدارات والنقابات.«المنتفضون» منوا أول من أمس بهزيمةٍ كبرى أثناء انتخاب أعضاء جدد: 2 إلى الهيئة العامّة، 3 كرؤساء للفروع: الثالث والرابع والخامس، و4 أعضاء للمجلس التأديبي.
مرّ الاستحقاق «على السكت». لم يتمكّن «المنتفضون» من الحشد، تماماً كما فشلوا في الحصول على مقعدٍ واحد، ولو أنّهم حاولوا الإيحاء بأنّ الفائز يوسف غنطوس من حصتهم، علماً بأن ماكينة الأحزاب تؤكد أنّها أيضاً صبّت أصواتها له.
في المحصلة، تمكنت الأحزاب من حصد أكثر من 2500 صوت مقابل نحو 800 صوت لـ«النقابة تنتفض»، علماً بأنّ نسبة المشاركة كانت منخفضة ولم تتعدّ 3400 مشارك، فيما كانت تصل إلى أكثر من 7 آلاف في السنوات السابقة.
ثنائي أمل وحزب الله سجّلا أعلى نسبة مشاركة (حوالي 650 صوتاً للحزب و500 لأمل) ما أدى إلى «اكتساحهما» المقاعد: عضوان لحزب الله والأعضاء الأربعة في المجلس التأديبي لحركة أمل. فيما أدّى الخلاف بين الثنائي إلى فك التحالف بين تكتّل الأحزاب، بعدما رفضت أمل ترشيح عضوين شيعيين إلى الهيئة العامة، معتبرةً أن التوازن المذهبي ضروري. وهذا ما أدى إلى تشكيل لائحتين منفصلتين، فيما تركت أمل واحداً من مقعدَي الهيئة العامة شاغراً لمرشح حزب الله وليد الجباوي.
كان «كوكتيل» التحالفات سوريالياً: حركة أمل ضد حزب الله ومعه في الوقت عينه، الجماعة الإسلامية مع الحزب، حزب القوات اللبنانيّة يقف خلف حركة أمل وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي. أما «مفاجأة» التحالفات فكانت لمجموعة «مواطنون ومواطنات في دولة» التي تحالفت مع حزب الله والجماعة ومجموعة المقاولين!
وتمكّنت لائحتا الأحزاب من الحصول على 8 مقاعد من أصل 9: 2 لحزب الله، 4 لحركة أمل، 1 مدعوم من القوات، 1 مدعوم من الحزب التقدمي الاشتراكي. فيما كان تيار المستقبل الخاسر الأكبر بعدما خسر مرشحَيه.
في المحصلة، لم يعد لـ«النقابة تنتفض» الغالبية الساحقة داخل مجلس النقابة، بعدما عادت الأحزاب إليه من خلال حصولها على ««قوة تعطيليّة» من 5 أعضاء (في حال احتساب غنطوس). وبإمكان هؤلاء الأعضاء إذا رغبوا في تعطيل قرارات النقيب عارف ياسين ومجموعته.
انتصار الأحزاب التي تلقت هزيمة كبرى في حزيران الماضي مردّه أساساً أداء «القوى التغييرية» التي لم تتمكن من إحداث تغيير داخل النقابة، وفق أحد المسؤولين الحزبيين. ويشير إلى أنّ «سوء الإدارة الحالية داخل النقابة كان واضحاً، فهي عادت لترتكب ما كانت تنتقده في مجلس الإدارة القديم كوضع الأموال في المصارف مثلاً». الانتكاسة الكبرى، وفق ما يقول، تبدّت في معالجة ملف الاستشفاء من خلال إدخال تعديلات على دفتر الشروط القديم، ما أدى إلى توقيع عقد بالتراضي مع شركة «ميد غلف»! أما «الكارثة الكبرى» فتجلّت في إلغاء العقد مع شركة التدقيق في المحاسبة، ما أدى إلى رفض هيئة المندوبين التوقيع على الحساب القطعي الجديد قبل أن تعمد النقابة الى توكيل شركة تدقيق جديدة.
هذا ما ينفيه أحد أعضاء مجلس النقابة، مؤكداً «أننا لا نقوم بأي عقد إلا بعد التمحيص لما فيه مصلحة النقابة»، لافتاً إلى أنّه «لا يمكننا أن نمحو عقوداً من الفساد خلال 7 أشهر».
ويشدّد على أن أسباب الخسارة عديدة؛ منها ما هو مرتبط بالوضع الاقتصادي، بالإضافة إلى «شنّ الأحزاب حملة دعائية ممنهجة لتشويه صورة مجلس النقابة الحالي ما أدى إلى إحباطٍ في صفوفنا، فضلاً عن هجرة نحو 40% من المناصرين».