اكتملَ أمس نصاب اللوائح التي ستخوض على أساسها القوى السياسية و«المعارضات» معاركها «الوجودية» و«التغييرية». بدءاً من اليوم، سيسير البلد، إذا ما كان مقدّراً للانتخابات أن تجرى، نحو صناديق الاقتراع، على وقع حملات انتخابية ستبدأ بالتصاعد، وستتخللها تعبئة بكل أنواع الأسلحة الطائفية والمذهبية وتبادل للتهم وتقاذف المسؤوليات حول سبب الانهيار، فيما تغيب عنها البرامج.تأتي الانتخابات في ظلّ ذلّ يتعرض له المواطنون الغارقون في البحث عن قوتهم اليومي، يائسين من أي أمل بأن تؤسس هذه الانتخابات لأيّ تغيير، وهو ما قد ينعكس تدنّياً في نسبة المشاركة رغم كل دعوات التعبئة.
حتى ليل أمس، 1001 مرشح تمسكوا بترشحهم الى حين إقفال باب تسجيل اللوائح الانتخابية الذي استقر على 103. اللافت أن التكهّنات بتدنّي نسبة التصويت السنّي ترافقها تخمة في عدد المرشحين السنّة. فوفق أرقام وزارة الداخلية، كان العدد الأكبر من المرشحين في دائرة الشمال الثانية (طرابلس ــــ المنية ــــ الضنية) حيث أدى انسحاب تيار المستقبل من السباق الانتخابي الى تكاثر المرشحين الراغبين في ملء الفراغ، تماماً كما في دائرة بيروت الثانية التي حلّت ثانية في عدد المرشحين. وذهبت المرتبة الثالثة إلى دائرة الشوف ــــ عاليه، حيث لامس عدد المرشحين المئة. وفيما سُجّل عدد كبير من اللوائح في الشمال الثانية، شهدت دائرة الجنوب الثالثة شحّاً في عدد اللوائح. وعموماً، تخطّى عدد اللوائح المسجلة في مختلف الأقضية المئة في مقابل 77 لائحة في الانتخابات الماضية. ويعود هذا الارتفاع في عدد اللوائح أساساً الى تكاثر لوائح المجتمع المدني والقوى المعارضة.
عدد اللوائح تجاوز الـ 100 مع تكاثر لوائح المجتمع المدني والقوى المعارضة


في السياسة، تُخاض الانتخابات من قبل البعض بوصفها حرب نفوذ ووجود وتحديد أحجام في لعبة السلطة وإدارة النظام، ولا يُمكِن فصلها عن الصراع المحتدم في المنطقة. حزب الله، اللاعب الأكبر والمشارك في حياكة معظم لوائح حلفائه، يريدها فرصة لإعادة تثبيت شرعيته في وجه الحملة الشعواء التي خيضت ضده منذ 17 تشرين، وبالمقدار نفسه يريدها التيار الوطني الحر الذي تعرّض لأكبر حملة تشويه وحُمّل عهده مسؤولية الانهيار المالي، من أجل حجز كتلة نيابية وازنة في وجه محاولات الإقصاء التي يتعرّض لها على الساحة المسيحية.
على المقلب الآخر، لم تسر الأمور بالسلاسة التي كان يرجوها دعاة الانتخابات النيابية المبكرة لقطف ثمار «الثورة». انسحاب تيار المستقبل جعل المعركة لحلفائه السابقين معركة وجود. لذلك سيعمل الطرفان، في الفترة الفاصلة عن موعد الاقتراع، على مزيد من شد العصب وخوض معركة رفع نسبة الاقتراع. أما دعاة التغيير والثورة، فقد بيّنت المرحلة الماضية أن الانتخابات التي لطالما دعوا إليها، آملين أن يمثّلوا بعدها بيضة قبّان المجلس المقبل، لم تكن سوى محطة لمزيد من التشرذم في صفوفهم، في وجه نظام ومنظومة يثبتان يوماً بعد آخر أنهما ربما «الأقوى» في العالم.