بعد مفاوضات عسيرة، وخلافات في «الصف الواحد»، التأمت لائحة التيار الوطني الحر في دائرة صيدا ــــ جزين، وضمّت بعثياً (محمد شاكر القواس) وإسلامياً (علي الشيخ عمار) في لائحة حملت اسم «معاً لصيدا وجزين». لكن تسجيل اللائحة، وتراجع أمل أبو زيد عن «حرده» وبقائه إلى جانب زياد أسود وسليم الخوري في لائحة واحدة، لم يبددا مخاوف عونيي جزين من خسارة ثانية في عرينهم تضاف إلى خسارتهم أحد المقعدين المارونيين في انتخابات 2018.تراجع أبو زيد عن عزوفه عن الترشح، «نزولاً عند رغبة الرئيس ميشال عون وإصراره، وبعد إلحاح رئيس التيار جبران باسيل ومطالبات كثيفة من أهلي في منطقة جزين لكي تبقى مصلحة جزين فوق كل اعتبار» كما قال في بيان تراجعه، أثار ارتياحاً لدى البرتقاليين بعد «ليلة عصيبة». فيما علمت «الأخبار» أن عون استدعى أبو زيد أمس إلى قصر بعبدا وتواصل مع أسود، محذّراً إياهما من خسارة جزين بسبب خلافاتهما. ولفت إلى أن «الفوز رهن بوجودهما معاً على اللائحة لتأمين الحاصل».

(علي حشيشو)

في الطريق إلى جزين، يستقبلك المرشحون العونيون كل على حدة. عند مدخل أنان، يتأبّط أمل أبو زيد ذراع الرئيس ميشال عون. ومع التوغل في البلدات النائية، ترتفع صور زياد أسود. عند مدخل عروس الشلال، وقف أحد عمال المطاعم لدعوة المارة للدخول. الحركة تراجعت ليس بسبب الأزمة الاقتصادية فحسب، إنما أيضاً بسبب التباعد السياسي بين معظم القوى الجزينية وأهالي الجوار الذين يشكلون النسبة الأكبر من الزبائن. في ساحة سوق السد التراثي، أعلام التيار تظلّل صور أسود قبالة منزله. البوابة الخارجية مقفلة والرصيف أمامها فارغ من المرافقين والمناصرين. يشير صاحب محل مجاور إلى أنه عاد أمس إلى مقر إقامته في بيروت. «يأتي إلى جزين مثل النواب في الويك إند»، يقول قبل أن يفصح عن خصومته السياسية، مشيداً بـ«النائب إبراهيم عازار الذي ينام كل ليلة هنا».
جيران أسود في السوق، جلسوا عند أبواب محالهم كما في كل يوم. هكذا يمضون معظم ساعات عملهم عندما تفرغ المدينة من أهلها وزوارها، ما عدا أشهر الصيف. لا يستجيبون بسهولة للاستفسارات الانتخابية، ولا سيما في ظل خروج الخلاف بين مرشحي التيار، أسود وأبو زيد، إلى العلن قبل يومين بتبادل تسجيلات صوتية ضد بعضهما البعض. أحدهم التقط من الرسائل الصوتية، كلمة «سيئ الذكر» التي وصف بها أبو زيد زميله أسود. يردد الصفة كأنها «نكتة» تلقّفها خصوم أسود، من العونيين إلى مناصري عازار والقوات. فيما تحفّظ آخرون على تردادها «لأنها تسيء إلى سمعة التيار ووحدته الداخلية قبيل الانتخابات».
يعدّد ريمون لائحة «الفرحين» بانسحاب أبو زيد ليل الأحد: «القوات وجماعة زياد وجماعة عازار رقصوا في الساحة»، لكن فرحتهم لم تكتمل، وإن كانت لم تتبدّد لأن من شبه المستحيل استعادة العونيين المقاعد الثلاثة التي اكتسحوها عام 2009.
في مكتبه الهندسي، يرفع مارون قطار، رئيس ماكينة التيار في الدورة الماضية في المدينة، صورة عون في أعلى الجدار. يأسف لتفاقم الخلافات الداخلية بين مكونات اللائحة و«انقسام بعض العونيين بين زياد وأمل حتى نسوا الخلاف بين التيار والقوات!». لكنه يؤكد أن «العونيين الأصليين سينتخبون ميشال عون بصرف النظر عن مرشحيه، لأن الهدف عدم خسارتنا لجزين». المعنيون في ماكينة التيار طووا صفحة الخلاف للتفرغ للمعركة. أحدهم يتوجس من «مواقف أسود الطائفية والمناطقية التي شدّ بها عصب عدد من الجزينيين، لكنه نفّر كثيراً من الصيداويين وأهالي جبل الريحان». فيما يشدد آخر على أن «شد العصب هو المطلوب»، مستحضراً ما يردده بعض العونيين: «الله يخليلنا الرئيس بري». في إشارة إلى أن هجوم أسود على بري والهجوم المضاد من مسؤولي «أمل» عليه وعلى عون، حفّز القاعدة البرتقالية على الانتخاب الكثيف لإسقاط عازار، مرشح بري في جزين.
خطاب التجييش ينفع مع مسييحي كسروان وليس مع مسيحيي الأطراف


شد العصب لا ينفع لدى آخرين. «التجييش ماذا قدم لنا؟ هل بنى مشروعاً أو حائط دعم حتى؟ هذا الخطاب ينفع مع مسييحي كسروان وليس مع مسيحيي الأطراف». يقتنع بذلك جزينيون كثر ممن يدركون أهمية الصوت الشيعي في جبل الريحان سابقاً، وأخيراً أهمية الصوت الصيداوي. القيّمون على الماكينة البرتقالية يعوّلون على «حوالي ألفي صوت وعدوا بها من حزب الله الذي سيوزع أصوات ناخبيه بين لائحة التيار ولائحة عازار بعد فشل التحالف مع قوى صيداوية وازنة ترفع الحاصل كما فعل عبد الرحمن البزري والجماعة الإسلامية عام 2018». تاريخياً، كان صوت الريحان مؤثراً. نائب الكتائب إدمون رزق ركز حملته الانتخابية في الحسينيات ومواسم عاشوراء. فيما آل كنعان وجدوا في الصوت الشيعي رافعة أمّنت لهم الفوز السهل. في الدورة الماضية، لم يحظ العونيون بأصوات الريحان. حزب الله صبّ كامل أصواته لمصلحة عازار، فنال غالبية أصوات المقترعين الـ 7808 باستثناء 350 شخصاً صوّتوا لأبو زيد في مقابل صفر أصوات لأسود. فيما يأمل أبو زيد ارتفاع حصته بعد المساعدات التي قدمها أخيراً في زمن الكورونا والمازوت والمنح المدرسية.



«قوى الاعتراض» لوائح بالجملة في الجنوب
حمل اليوم الأخير من مهلة تسجيل اللوائح للانتخابات النيابية المقبلة، تشتيتاً لـ«قوى الاعتراض» في دوائر الجنوب الثلاث. إذ شهد تسجيل عدد من اللوائح أضيفت إلى لوائح سابقة. في دائرة صيدا - جزين (الجنوب الأولى) ارتفع عدد اللوائح إلى سبعة، بعد تفرق «الثوار» والمجموعات بين ثلاث لوائح إثر فشلها في التوحد: لائحة «قادرين» المدعومة من «مواطنون ومواطنات في دولة»، ولائحة «نحن التغيير» التي تضم مستقلين منهم جوزيف الأسمر وهانية الزعتري، ولائحة «صوت التغيير» التي تضم مستقلين منهم جوزيف متري ورنا الطويل. اللوائح الثلاث تنافس أربع لوائح: الاولى تضم أسامة سعد وعبد الرحمن البزري، والثانية للتيار الوطني الحر، والثالثة لإبراهيم عازار والرابعة لمرشحي «جو الحريري» و«جو» القوات اللبنانية.
وفي دائرة صور - الزهراني (الجنوب الثانية) أضيفت أمس إلى لائحة «الدولة الحاضنة» التي سجلت الجمعة، لائحتا «معاً للتغيير» المدعومة من «حراك صور» والحزب الشيوعي اللبناني، و«القرار الحر» التي ضمت مرشحاً من الشيوعي، ما دفع منطقة صور في الحزب إلى نفي «أي علاقة تنظيمية وسياسية بها». وفي دائرة الجنوب الثالثة، سجلت لائحة ثانية للمعارضة غير مكتملة باسم «صوت الجنوب»، أضيفت إلى لائحة أولى مكتملة سجلت الجمعة الماضي.