حسمت جمعية المشاريع الخيريّة خياراتها الانتخابية: لا تحالف مع حزب الله وحركة أمل في دائرة بيروت الثانية وبقية الدوائر. لم يكن «الطلاق» صعباً على الجمعية، إذ إنّ عدنان طرابلسي الذي جلس على المقعد النيابي منذ عام 1992 لم يترشّح على لوائح الثنائي إلا في الدورة الماضية. قبلها، كان الطرفان كل في مكانه؛ الثنائي مع الحريري الأب ثم الابن إبّان الحلف الرباعي عام 2005، قبل أن تتخذ «المشاريع» خيارها بالاعتكاف عن انتخابات 2009.لذا، تعتبر «المشاريع» أنّها عادت إلى مكانها الطبيعي. علماً أنّ هذا لم يكن ليحصل لولا عزوف سعد الحريري. وهي ترى أن قوّتها التجييرية التي ثبّتت زعامتها في بيروت عام 2018 عندما حصل طرابلسي على أكثر من 13 ألف صوت (أكثر من تمّام سلام بـ3 آلاف صوت ومن نهاد المشنوق بـ7 آلاف)، وحلّ ثانياً بعد رئيس تيار المستقبل في عقر داره، ستتضاعف حتماً مع انكفاء الأخير. كثيرون من أصدقاء «الأحباش» ممن يناصرون المستقبل وكانوا يصوّتون لصالحه، تحرروا اليوم وصار بمقدورهم التصويت لـ«الجمعية». تريد «المشاريع» استعراض قوتها التي تتيح لها فرصة الحصول على نائبَين، بدلاً من واحدٍ في حال التحالف مع الثنائي، إضافة إلى إمكان الفوز بمقعدين آخرَين بعد ترشيح طه ناجي في طرابلس وأحمد نجم الدين في الشوف، علّها تثبت أنها الحالة السنية «رقم 1» في معقل الطائفة. وهي فرصة لم تتح لها حتى خلال الوجود السوري الذي كانت تُعتبر «الابنة البار» له.
تدرس «الجمعية» خياراتها بهدوء. وهي تملك ماكينة انتخابية لا تخيب، وتعطي نتائج الانتخابات بدقة بعد ساعةٍ واحدة من إقفال الصناديق. لذلك، تحلل الماكينة الأرقام منذ اليوم، مستندةً على أنّ الحاصل الانتخابي سيكون أقل من الدورة الماضية وقد يصل إلى أقل من 10 آلاف، ما يجعلها أمام تحدي توزيع أصواتها «على القد» على مرشحَين.
وعليه، فإنّ فك الارتباط مع الثنائي هو أشبه بـ«حسبة انتخابية» على حد تعبير رئيس المكتب الإعلامي عبد القادر الفاكهاني، مؤكداً لـ«الأخبار» أن «همّنا ليس استعراض قوتنا، فنحن موجودون منذ 30 عاماً في الحياة السياسية، ولا نخوض الانتخابات لا بالدم ولا بالمناكفات». هذا أيضاً ما يؤكده طرابلسي بقوله: «جمهورنا ثابت ولا نتأثر كثيراً بالتيارات الأخرى».
في المقابل، هناك من يشير إلى أنّ «الطلاق» مع الثنائي ليس مرتبطاً بالأرقام فحسب، وإنّما لم يعد خافياً وجود أكثر من رأي داخل «الجمعية». الفرق اليوم أنّ حالة الاعتراض على حزب الله تتنامى وأن البعض يُطالب الجمعية بأن تبرز تمايزها عن حلفائها لإثبات أنها حركة سنيّة «pure». أكثر من ذلك، يؤكد بعض العارفين أنّ قيادة «الأحباش» فتحت منذ مدّة خطوط التواصل مع السعودية والإمارات وتريد المحافظة على هذه العلاقات، وليس قرارها بـ«التحرّر» من التحالف مع الثنائي إلا رسالة إلى هذه الدول.
ينفي مرشح «الجمعية» أحمد دبّاغ هذا الأمر، مشدداً على أن «مواقفنا أصلاً ليست متطابقة مع الثنائي في كل الملفات، كما أن عدم تحالفنا مع الثنائي لم يسبّب لنا أي خلافٍ معه»، لافتاً إلى «أننا لم نقفل بابنا أمام أي دولة عربية سابقاً ونحن بصدد تجديد هذه العلاقات وتحسينها، ولكن هذا ليس مرتبطاً بتحالفاتنا الانتخابية».

بانتظار اللائحة
اتخذت «الجمعيّة» خيارها وهي اليوم تدرس «cv» المرشحين الآخرين قبل إعلان لائحتها في بيروت الثانية خلال أيام، علماً أن الجميع يعلم أن «الأحباش» لن يكون بمقدورهم إلا التجيير لطرابلسي ودبّاغ على أن «يخلّص» المرشحون الآخرون أنفسهم بأصواتهم. وتشير المعلومات إلى أنّ «المشاريع» قد تواجه صعوبات في إيجاد مرشحين: بعضهم يرفض الترشّح على لائحتها والبعض الآخر ترفضه «الجمعية» لرغبتها بأن لا تضم لائحتها حزبيين باستثناء المرشحين التابعين لها. لذلك، فإنّ المشكلة الكبرى تكمن في مقعد الروم الأرثوذكس، إذ يتردّد أن قيادة «الأحباش» غير متحمّسة لترشيح غسّان غصن كونه ينتمي إلى الحزب السوي القومي الاجتماعي برئاسة أسعد حردان، رغم أنه «صديقنا ونحترم تاريخه الطويل في الاتحاد العمالي العام»، بالتالي، قد يؤدي ذلك إلى ترك مقعد الروم الأرثوذكس شاغراً، مع تأكيد «الجمعيّة» نيتها تأليف لائحة مكتملة في حال استطاعت ذلك.
في حال لم يكن محمود الجمل على لائحة نبيل بدر سيكون حليف «المشاريع»


على صعيد المرشحين السنة، يبدو أن «الجمعيّة» تخطّت أزمة إيجاد مرشحين بحسب المواصفات التي وضعتها: الانتماء إلى عائلات بيروتية وازنة والاستقلالية عن الأحزاب. وتشير المعلومات إلى أن «المشاريع» التقت 12 مرشحاً، من بينهم محمود الجمل الذي ينتظر ما سيؤول إليه وضع اللائحة التي يُشكّلها نبيل بدر قبل أن يقرر التحالف مع «الأحباش». قيادة «الجمعية» تعتبر أن «الجمل لم يعد حزبياً بعدما قدّم استقالته من المستقبل ونحن على علاقة جيّدة معه منذ سنوات، إضافة إلى صلات القربى مع العديد من قياداتنا».
أيام قليلة قبل أن تحسم «الجمعية» الأسماء وتعلن لائحتها في بيروت الثانية، لتنتقل بعدها إلى جوجلة الأسماء بعد تأليف اللوائح وإقفالها لمعرفة كيف ستوزّع أصوات أنصارها في الدوائر التي لا تملك فيها مرشحين تابعين لها، فيما المعلومات تؤكّد أن أصواتها في البقاع الغربي ستُجيّرها لصالح حسن مراد بعد الاتفاق معه على أن يُجيّر هو الآخر الأصوات المحسوبة عليه لصالح «المشاريع».