20%
هي نسبة الزيادة في حصّة الصناعات الغذائية من الاستهلاك المحلي والتي يمكن تحقيقها من الفرصة التي خلقتها الأزمة، بحسب الوزير السابق فادي عبّود. فالصناعات الغذائية تمكّنت من زيادة الإنتاج وبيعه في السوق المحلية لتعويض 20% من الاستيراد، لكن هذه الفرصة تحتاج إلى تشجيع متصل برفع القدرة الاستثمارية في توسيع خطوط الإنتاج وتعزيز حضور المصانع اللبنانية في الأسواق الخارجية، فضلاً عن استقرار في أكلاف الإنتاج وآليات التسعير.
مع انهيار المصارف، ظنّ كثيرون أن نفوذ الريع سيضعف مقابل صعود نفوذ الإنتاج الذي يفترض أن تمثّله جمعية الصناعيين داخل تركيبة «الهيئات». لكن ما حصل كان مفاجئاً. فعلى مدى السنتين الماضيتين، شارك ممثلو جمعية الصناعيين في اجتماعات «الهيئات» ولاموا المصرفيين على نتائج الانهيار انطلاقاً من جفاف التمويل وتداعياته على عمليات الإنتاج. غير أن ردود المصرفيين أحرجت الجميع، لأنها ذكّرت بالتمويل المدعوم للصناعيين والذي استعمل قسماً منه في مآرب خاصة لا تتعلق بتوسيع الاستثمار وخطوط الإنتاج، أو بحصول الصناعيين على تسليفات عقارية مدعومة، أو سداد قروضهم على سعر صرف يبلغ 1500 ليرة خلافاً للسعر الرائج في السوق، أو حتى سداد القروض بشيكات مصرفية... في المحصّلة أُحرج الصناعيون وأُسكتوا «لأن المصرفيين يعلمون عنهم كل شيء».
صحيح أن إفلاس المصارف غير المعلن خلق تباعداً في المصالح والأولويات مع الصناعيين، إلا أنه لم يُبلور مشروعٌ واضح في هذا الاتجاه بعد. فبحسب الزعنّي «ليس هناك مشروع حالياً بل ننتظر انتهاء الانتخابات حتى يعقد مجلس إدارة الجمعية جلسة تحدّد هذا المشروع». سريعاً يستدرك الزعنّي أن «أوجاع الصناعيين معروفة من كلفة الإنتاج وفتح الأسواق... هناك الكثير من المشاريع وسنكملها لأن الحكم استمرارية».
بكلامه عن الاستمرارية يوحي الزعنّي بأنه لن تكون هناك عملية ثورية في الجمعية، ولا في موقعها بين بقية تكتلات أصحاب العمل. وهذا الأمر، يتعزّز في اتفاق التزكية الذي أتى بالزعنّي مع برنار تنوري. كان الأخير مرشحاً للرئاسة، لكنه وافق على الانخراط في عضوية المجلس بشرط أن يُنتخب رئيساً في المرة المقبلة، وأن يسمّي اثنين هما داني عبود وبول أبي النصر (حالياً هما عضوان في مجلس الإدارة المنتهية ولايته). شروط تنوري كادت أن تمنح أفضلية قواتية في المقاعد المسيحية، على التيار الوطني الحرّ الذي بات مهدداً بخسارة إبراهيم الملاح. لكن حُلّت العقدة بخروج موريس زيدان بدلاً من الملاح، وحصول التيار على مقعد مسيحي آخر غير ماروني وزيادة الحصّة المسيحية في التوزيعة الطائفية والمذهبية لمجلس إدارة الجمعية. طبعاً جرى تركيب اللائحة من المذاهب الأخرى وفق العرف المطبّق.
إذاً، العقل نفسه والآلية نفسها لا يزالان يسيطران على الجمعية. بمعنى آخر، أن الانهيار المصرفي لن يُترجم في العقل الجماعي للصناعيين بانتفاضة ضدّ المصارف رغم الضرر اللاحق بهم. وهذا يعني أن الأفضلية ستبقى للريع المصرفي والعقاري الذي تمثّله غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان. إنما بحسب الرئيس السابق للجمعية فادي عبود، فإن «جمعية المصارف صارت وحدها ومصالحها تختلف عن الآخرين، لذا يجب إعادة تنظيم شاملة للهيئات ونزع هيمنة الغرف عنها». وعبود لا يعتقد أن هناك مشروعاً أو برنامجاً للصناعيين أفضل من فصل المصالح السائدة بعضها عن بعض شكلاً، بما أنها أصبحت منفصلة مضموناً. «يجب أن يقرّر كل فريق مصالحه على حدة» يقول عبّود. فلنأخذ مثلاً إيرادات غرف التجارة ونفقاتها: «90% من الإيرادات متأتّية من تصديق الفواتير الناتجة من الصناعة، بالتالي يجب أن يُصرف القسم الأكبر على تنمية الصادرات، لكن تركّز الإنفاق يقع في اتجاه مختلف كلياً».
عبود: الأفضل انفصال جمعية الصناعيين عن غرف التجارة وأن يقرّر كل طرف مصالحه على حدة
لا يُتوقع أن تتغيّر التبعية للتمويل مع الزعنّي ومع مجلس إدارته، بل يعني استمرار كل المشكلات الناتجة من التركيبة السابقة. أبرز مثال على ذلك، أن الفوائد المفروضة على قروض المواد الخام المخصّصة للصناعيين عبر صندوق سيدر أوكسيجين تبلغ 9.75% كمعدل سنوي. فالانهيار لم يغيّر طريقة عمل المؤسّسات المالية، سواء كانت مصارف أو صناديق، أو أي نوع آخر من هذه المؤسّسات. فالوجه المعروف لتبعية التمويل هو المصارف، إنما هناك أوجه أخرى تعمل بالنمط نفسه.