رست بورصة الترشيحات في دائرة الجنوب الثالثة على 38 مرشحاً (25 لقوى المعارضة) يتنافسون على 11 مقعداً في أقضية النبطية، مرجعيون - حاصبيا وبنت جبيل.معركة المعارضين الأساسية في هذه الدائرة تتمثل بتأمين رقمٍ وازن أو حاصلٍ انتخابي واحد في أحسن الأحوال لخرق لائحة ثنائي حزب الله - أمل في أحد مقاعد «الأقليات» الثلاثة: الدرزي، السني أو الأرثوذكسي. وهذا مرهون، بتوافق هذه القوى على لائحة قوية، وهو ما تسير الأمور بعكسه، وسط توقّع خوض الاستحقاق بثلاث لوائح إذا لم تنجح مفاوضات تذليل الخلافات حول آلية اختيار المرشحين والقسم السياسي في مسودة البرنامج الانتخابي.
عام 2018، بلغ الحاصل الانتخابي في هذه الدائرة 20526 صوتاً، وكانت لائحة تحالف التيار الوطني الحر والمستقبل والحزب الديموقراطي اللبناني الأقرب إلى الحاصل (17058 صوتاً) بفضل أصوات الناخبين السنة والدروز، فيما نالت لائحة القوات اللبنانية 4710 أصوات ولائحة الشيوعي 5895 صوتاً. ومع توقّع تراجع نسبة الاقتراع السني وترشيح المصرفي مروان خير الدين عن المقعد الدرزي، بالتفاهم بين أمل والحزبين الديموقراطي والاشتراكي، لم يعد في إمكان المعارضة التعويل على الصوتين السني والدرزي. وبما أن المقعد الأرثوذكسي كان الأضعف في اللائحة الفائزة عام 2018، ومع عدم حماسة القوميين للتصويت للنائب أسعد حردان، فإن إحداث المعارضة خرقاً في هذا المقعد يبقى مرهوناً بتوحّدها في لائحة واحدة.
قبل نحو أسبوعين من إقفال باب تسجيل اللوائح، المشهد كالتالي: لائحة لحركة «مواطنون ومواطنات في دولة» من 5 مرشّحين في الأقضية الثلاثة، ستخوض الانتخابات «للقول إن لدينا برنامجاً»، بحسب أحد مرشحيها نزار رمال، مشيراً إلى أن الحركة «تطرح آلية توحيد المعارضة عبر انتظام مرشحيها في كل الدوائر في مجلس وطني تأسيسي. عندها لا تمانع بسحب بعض مرشّحيها وفق برنامج سياسي متّفق عليه».
بالتوازي، بدأت قبل مدة أحزاب الشيوعي والطليعة ومجموعات تشرينية («لِ وطن» و«وعي» و«الشعب يريد إصلاح النظام» و«نجم» و«وطني هويتي» وثوار خيمة النبطية وخيمة حاصبيا -مرجعيون) وشخصيات مستقلّة العمل على تشكيل لائحة. برز الخلاف الأول بين المجتمعين عندما طرحت لجنة صياغة البرنامج الانتخابي مسودّة تضمّنت بنوداً تحدّثت عن حصرية حق الدفاع عن سيادة الوطن وفق السياسة الدفاعية الاستراتيجية للدولة ممثلة بالجيش اللبناني والقوى الأمنية حصراً مع تعزيز قدرات الجيش بما يمكّنه من القيام بتلك المهمة، وعن حق الشعب بالدفاع عن أراضيه ومقاومته أي محتل بكل الوسائل، مع التأكيد على رفض تحويل البلد إلى كانتونات ودويلات طائفية مسلّحة، إضافة إلى بند رفض كل أشكال التطبيع مع العدو الإسرائيلي والاكتفاء باتفاقية الهدنة للعام 49، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية وجامعة الدول العربية بما يتوافق مع المصالح الوطنية العليا للبلاد.
اعترض عدد من الشخصيات المستقلّة على المسودة، المرشّح عن قضاء بنت جبيل المحامي حسن بزي شدّد على أن «الحديث عن حصرية السلاح مرفوض قبل تطبيق القرارات الدولية من القرار 242، ثم تحرير مزارع شبعا، فتسليح الجيش استراتيجياً»، فيما قدّمت مجموعة «وعي» ومجموعة «لِ وطن» تعديلات طالبت بشطب كلمة «حصرية»، مع التأكيد على واجب الجيش بالدفاع عن سيادة لبنان ضمن سياسة دفاعية استراتيجية، ومن خلال تعزيز قدراته بسلاح متنوع المصادر، والتأكيد على حق الشعب بالمقاومة، من دون ذكر عبارة «كانتونات ودويلات طائفية مسلّحة». كما رفضت بند الهدنة، وتجاهل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم اللبناني من بلدة الغجر، ودعت إلى استبداله بتأكيد العداء لإسرائيل ورفض التطبيع والتمسك بحق العودة.
منسّق هيئة تنسيق النبطية علي إبراهيم اعتبر أن «إثارة هذه النقاط يراد بها باطل، طالما أن حق المقاومة محفوظ ولا يحتاج إلى إذن أحد، أما الدفاع والتحرير فتحت إمرة الدولة، ومن لا ملاحظات لديه على المقاومة المذهبية مكانه حزب الله وليس المعارضة»، واعداً بأن تكون نقاط الاختلاف محل نقاش مستمر عند اكتمال المرشحين الـ11 للائحة. ونفى أن يكون حزب الكتائب جزءاً من الائتلاف، لكن «في حال جيّروا أصواتهم لمجموعة «نجم» أو «عامية 17 تشرين» كونهم حلفاء فمرحّب بأصواتهم وبصوت أي لبناني». من جانبه، يتحفّظ الحزب الشيوعي على النقاط الثلاث، ويؤكّد ممثّله يوسف سلامة، أنّ «الحزب سيتوافق مع بقية القوى على البرنامج المرحلي ليدخل في الائتلاف، وللغاية يجب مناقشة هذه النقاط الخلافية والعمل على التقاطع على النقاط السياسية بالحد الأدنى».
عقبة ثانية تواجهها اللائحة تتعلّق بآلية اختيار المرشحين. ففي قضاء مرجعيون حاصبيا، وقع الخلاف على المقعد الدرزي بعد أن صوّتت هيئة تنسيق القضاء لصالح فراس حمدان واستبعدت كريم حمدان، مرشّح ثوار خيمة حاصبيا - مرجعيون الذّين يعملون حالياً على تشكيل لائحة أخرى سيعلنون عنها قريباً تضم 5 أسماء بينها كريم حمدان، لأن «التصويت من قبل 11 عضواً فقط وبحضور المرشح المنافس لم يكن شفافاً، ولم يعتمد على معايير». كما لم يجر التوافق على المقعد السني، وبحسب المسؤول السياسي للجنة ثوار حاصبيا رجا قيس «استبعد المرشح رياض عيسى من الهبارية، لصالح تبني محمد قعدان من شبعا كونها ثقل العرقوب»، متهماً «الحزب الشيوعي بالسيطرة على عملية الاختيار، وبأن الائتلاف تطغى عليه غلبة الأحزاب كالطليعة ومنظّمة العمل وبقايا اليسار الديموقراطي وما تبقى من التيار الأسعدي».
الخلاف يسري على المقعد الأرثوذكسي. فبعدما كان الاتفاق على ترشيح فادي أبو جمرة، ترشّح الطبيب الياس جراده بإيعازٍ من الحزب الشيوعي، ما اعتبره مواكبون «تفضيلاً للنهج الخدماتي على حساب نضال الساحات التي عرفنا فيها أبو جمرة».
معركة المعارضين الأساسية تأمين حاصل انتخابي واحد في أحسن الأحوال


أما في النبطية فقد حسمت هيئة تنسيق النبطية ومنطقتها أمس أسماء مرشحيها عن المقاعد الشيعية الثلاثة، وهم: علي وهبي (مستقل) ووفيق ريحان (مستقل مدعوم من الشيوعي) ووسيم غندور (مستقل). تسمية وهبي حُسمت أمس بعد تنافس مع مرشحة «وعي» نعمت بدر الدين، ما أدى إلى دعوة الهيئة كل المرشحين المحسوبين على «انتفاضة 17 تشرين» في القضاء إلى وضع ترشيحاتهم بتصرّفها على أن تختار هي ثلاثة وينسحب الآخرون لمصلحتهم. بالمقابل أعلنت بدر الدين والمرشح محمود شعيب أنهما مستمران بترشّحهما.
وحدهم مرشحو اللائحة في قضاء بنت جبيل لم يشهد اختيارهم أي خلافات حيث اتفقت هيئة تنسيق القضاء، على: علي مراد (نجم/ نبض جنوب مقاوم)، حسن بزي (الشعب يريد إصلاح النظام)، وخليل ذيب (الحزب الشيوعي).
ويؤكد معنيون أنه «في حال رست الأمور على لائحتين وازنتين مفترض إعادة النظر جدياً بخوض المعركة، وأن التحديات على صعوبتها يجب فكفكتها»، في الاتجاه نفسه تصب دعوات أبو جمرة ومراد «طموحنا التوحد وتقبّل اختلافاتنا بديموقراطية».