بعد إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الأسبوع الماضي، أسماء مرشحي الحزب للانتخابات النيابية المقبلة، أعلن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، أمس، أسماء مرشحي التيار، فيما يتوقع أن يعلن الرئيس نبيه بري اليوم أسماء مرشحي حركة أمل. على أن يعلن بقية حلفاء الثلاثي، من الشمال إلى البقاع مروراً بالشوف وعاليه وبيروت، ترشيحاتهم في اليومين المقبلين، وسط أجواء تؤكد توافقاً شبه تام بين غالبية هذه القوى على الإطار العام للتحالفات الانتخابية في غالبية الدوائر.وفيما لا تزال بعض العقبات عالقة في انتظار مزيد من المشاورات، تبدو هذه القوى أكثر جاهزية لخوض الانتخابات، مقابل حال من الإرباك غير المسبوق لدى خصومها، من القوات اللبنانية التي لا تزال تنتظر اكتمال المشاورات قبل إعلان كل مرشحيها، إلى النائب السابق وليد جنبلاط الذي يشعر بأنه مكبل اليدين في أكثر من منطقة، إلى الضياع الذي يسود الشخصيات المنتفضة على قرار الرئيس سعد الحريري بالعزوف عن الحياة السياسية، ما انعكس فوضى ترشيحات ولا يقين إزاء التحالفات في أكثر من منطقة.
الفوضى العارمة تسود أيضاً القوى التي تنسب إلى نفسها صفة «التغييرية» والتي انبثق بعضها من حراك 17 تشرين 2019. فهذه المجموعات غير القادرة على صياغة تحالف واحد وثيق في المناطق كافة، تلجأ إلى الاحتيال من خلال تحالفات تعكس حاجتها إلى المقايضات الانتخابية للحصول على أصوات تؤمّن لها الحواصل الكافية لإحداث تغيير جدي في المشهد النيابي المقبل. وتظهر هذه المجموعات بؤساً لا يقل عن بؤس القوى الأخرى التي لم تظهر أي استعداد لأي تغيير نوعي على صعيد أسماء المرشحين أو الخطاب السياسي، والمشترك بينها جميعاً هو غياب البرنامج الانتخابي الذي يخاطب حاجات الناس، واقتصارها على كلام سياسي لا يختلف عما يعرفه اللبنانيون منذ سنوات، فيما لا يتوحد كلّ مدعي معارضة المنظومة الحاكمة سوى على التعبئة ضد حزب الله.
والواضح أن كل الأطراف باشرت حملات تواصل واستطلاعات تهدف إلى جذب ما أمكن من الأصوات التي كانت تصب في صالح تيار المستقبل ومرشحيه، وسط مؤشرات أولية إلى أن نسبة المقاطعة لدى الناخب السني في بيروت والمناطق قد تصل إلى ذروتها مع إعلان مزيد من القيادات في التيار التزامها قرار الرئيس سعد الحريري بعدم المشاركة. وتوقع مصدر متابع ألا يتجاوز التصويت لدى السنة في كل لبنان نسبة 30 في المئة.
وفي الموازاة، انطلقت ماكينة شركات الاستطلاع في أكثر من منطقة، مع التركيز على تلك التي يتوقع أن تشهد مواجهات ساخنة خصوصاً في جبل لبنان والشمال وإحدى دوائر بيروت. واللافت هنا تراجع الحديث عن تمويل جاهز من قبل المجموعات التي تدعي الثورة على النظام. إذ تشير معلومات إلى أن المجموعات التي تجمعت تحت عباءة «كلنا إرادة» وتوابعها بدأت التواصل مع شخصيات لبنانية في لبنان والخارج بحثاً عن تمويل، بعدما أُبلغت بأن ما وُعدت به من «جهات خارجية» لم يعد متوافراً، إذ تبيّن لعدد من العواصم أن الصورة الإعلامية لهذه المجموعات لا تعكس حقيقة حجمها على الأرض. علماً أن وسائل إعلام قريبة من خصوم المقاومة، لا سيما «القنوات الثلاث»، طلبت من غالبية المرشحين مبالغ مالية كبيرة لاستضافتهم في الشهرين المقبلين.