قبل أيام، قرّرت الحكومة اللبنانية تمديد ولاية المجالس البلدية لمدة عام، وأرسلت المشروع الى المجلس النيابي لإقراره.تريد السلطة السياسية التمديد للبلديات بعدما استنزفتها وأفلستها وحرمتها من مدّخراتها وحمّلتها أعباء إضافية ومنعت عنها التوظيف بسبب فساد التوظيف في إدارات الدولة، وفي الوقت نفسه تتناسى الحكومة هذه البلديات في قانون الموازنة لجهة الزيادات على الرواتب والتقديمات، ومن دون تأمين واردات أو تعديل الرسوم.
القرار جائر بحق البلديات اللبنانية والتنمية المحلية. فالتمديد عاماً يعني توقف عمل البلديات عن أي خطط إنمائية أو مشاريع، إضافة الى أن هناك احتمالاً كبيراً بتمديد التمديد بعد عام، لظروف اقتصادية، لسنة أخرى أو أكثر، وعندها نكون قد أدخلنا البلديات في موت سريري. لذلك، على المجلس النيابي تحمّل مسؤولياته في هذا الصدد، وأن يقرّر تأجيل الانتخابات لفترة أقصاها ثلاثة أشهر لحين الانتهاء من الانتخابات النيابية.
تأجيل الانتخابات البلدية هو إمعان في محاصرة المواطن وحرمانه من أبسط حقوقه في انتخاب ممثلين عنه لخدمته ومحاسبتهم بعد ست سنوات. وكثيرون من رؤساء البلديات وأعضائها ينتظرون انتهاء هذه المهمة التي شهدت على مدى ست سنوات كل أنواع الصعوبات الإدارية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية والبيئية والسياسية. ولا يفرح بالتمديد من دون تجديد الثقة من ناخبيه إلا من يخاف المحاسبة في صندوق الاقتراع.
بحسب الخبير محمد شمس الدين، هناك 85 بلدية منحلّة و27 أخرى تنتظر الانتخابات للمرة الأولى، وأن بلديات عدة تعاني خلافات داخل المجلس البلدي، ما جمّد عملها الإنمائي، فضلاً عن الخلافات الجديدة التي ستنشأ حول من تحق له الرئاسة في البلديات التي تعتمد المداورة.
أضف إلى ذلك أن رؤساء المجالس البلدية وأعضاءها سلطة منتخبة وليسوا موظفين، وهم لم يوقّعوا عقود عمل تلزمهم بالبقاء بعد انتهاء ولايتهم. فماذا لو قرر بعض رؤساء المجالس البلدية أو بعض أعضائها الاستقالة؟ هل سيكون هناك توافق داخل كل المجالس البلدية على انتخاب رئيس ونائب رئيس وتشكيل لجان؟ هل سيكون هناك نصاب قانوني للانتخاب وحضور الجلسات؟
أخيراً، وحتى لا تلتبس الأمور على أحد، فإن التمديد المعلن أسبابه سياسية، وليست تقنية أو مالية حصراً، لأنه، مع بعض الإضافات اللوجستية والمالية، يمكن إجراء الانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية معاً. التمديد للبلديات وجه آخر من وجوه لامبالاة السلطة السياسية بالشؤون الحياتية والتنموية للمواطنين المتروكين دوماً في أسفل سلّم أولوياتها.

* رئيس بلدية الغبيري