ترقد دائرة الشّمال الثانية (طرابلس والضنّية والمنية) في سبات انتخابي لا تعرفه بقية الدوائر الانتخابية. هذه البرودة تعزوها مصادر سياسية إلى انتظار موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي لم يعلن صراحة حتّى الآن، على بعد نحو 10 أيّام من إقفال باب الترشّح، عن نياته حيال الاستحقاق. علماً أن ميقاتي أعلن في لقاء تلفزيوني في 10 أيلول الماضي، بعد نحو أسبوعين على تأليف الحكومة، أنّه لن يحسم موقفه إلّا «قبل ساعاتٍ من إقفال باب الترشّح». فيما كل المؤشرات تدلّ إلى حراك انتخابي للرجل الذي أكّد قبل أيام «أننا لن نترك السّاحة السنّية للفراغ»، وعقد لقاءين منفصلين مع الرئيس فؤاد السنّيورة والأمين العام لتيّار المستقبل أحمد الحريري، في وقت لم تتوقف لقاءاته، مباشرة أو عبر فريقه السّياسي، مع نوّاب ومرشّحين من طرابلس والضنّية والمنية. وعليه، سيرسم ميقاتي، في ظل عزوف تيار المستقبل، صورة المشهد الانتخابي في الدائرة بنسبة كبيرة، سواء قرّر عدم الترشّح مباشرة أو تبنّي دعم لائحة معينة.في غضون ذلك، لا يزال الإرباك يسود صفوف تيّار المستقبل ونوّابه ومرشحيه بعد «تعليق الرئيس سعد الحريري العمل السياسي. وزادت هذا الإرباك أمس «صدمة» استقالة النائب السابق مصطفى علوش من منصبه نائباً لرئيس تيار المستقبل، ما يحرّره من أيّ التزامات تنظيمية ويجعل «ترشّحه في لائحة مع مقربين من التيّار، تحت مسمّى آخر، أمراً وارداً جدّاً»، بحسب ما أكّدت أوساط في المستقبل لـ«الأخبار».
في المقابل، طغى الحديث عن تباين بين النّائبين فيصل كرامي وجهاد الصّمد على السّاحة الانتخابية، علماً أن «اختلاف المقاربات» بين الرجلين بدأ مع تسمية الصّمد الوزير السّابق الفضل شلق لتأليف الحكومة بدلاً من السّفير مصطفى أديب، وحجبه الثقة عن حكومة الرئيس حسّان دياب لعدم تمثيل الضنّية في حكومته، وانسحابه من اللقاء التشاوري، وتسميته الحريري رئيساً مكلفاً، وصولاً إلى حجبه الثّقة عن حكومة ميقاتي الأخيرة.
تباين كرامي - الصمد يهدّد بفرط التحالف بينهما


وفيما سُرّبت معلومات بأنّ اتصالات كرامي قطعت شوطاً كبيراً لتشكيل لائحة يمكنها الفوز بأكثر من حاصلين حازهما كرامي والصّمد في انتخابات 2018، قالت أوساط مقربة من الصّمد لـ«الأخبار» إنّ التحالف بينهما «لم يُنجز بعد، والاتصالات لا تزال في مرحلة التشاور، وأيّ موقف نهائي لن يتبلور قبل إقفال باب الترشّح في 15 آذار». ونقلت الأوساط عن الصّمد الذي حاز في انتخابات 2018 أصواتاً تفضيلية زادت على حاصل انتخابي، ثبتت موقعه كرقم صعب في الضنّية، أنّه شرطه لأي تحالف مع كرامي أو غيره «رفض التحالف مع التيّار الوطني الحرّ أو القوّات اللبنانية أو أيّ فريق لا ينسجم مع قناعاته السّياسية». كما أنه يتحفّظ عن التحالف مع رئيس «المركز الوطني في الشّمال» لأنّ «الانتخابات لا تُخاض بالعواطف والعلاقات الشّخصية والاجتماعية، أو من باب تسجيل المواقف، بل تخضع لحسابات دقيقة بهدف تعزيز فرص الفوز وضمان النّجاح». وهو يصرّ على التعاطي معه كـ«شريك سياسي قبل أن يكون شريكاً انتخابياً، وأن يكون له رأي في تشكيل أيّ لائحة يكون في عدادها، وتحديداً في قضاء المنية - الضنية»، مؤكدة أن «مروحة الخيارات أمام الصمد واسعة. فإلى كرامي، هناك انفتاح جدّي على الرئيس نجيب ميقاتي، كما أنّ هناك اتصالات بينه وبين أطراف سياسية عدة، من بينها النّائب محمد كبارة والنائب السّابق محمد الصفدي وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية».