«حتّى لو كانت الجريمة تلبس ثوب السياسة وتتقاضى أجراً سنحاربها بألسنتنا وأيدينا وقلوبنا»
(الإمام موسى الصدر 16/4/1974)


44 عاماً مضت على تغييب الإمام موسى الصدر عجزت الدولة اللبنانية وأجهزتها القضائية والأمنية خلالها عن معرفة مصيره وإعادته إلى عائلته وشعبه واحبائه. قُتل معمر القذافي عام 2011 وانهار نظامه، لكن بقي مصير الإمام مجهولاً.

كنت طفلاً يوم عمّ الحزن أحياء بيروت الشعبية، ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وجبل عامل والضاحية، وسائر المناطق، حيث رُفعت صوره في كل مكان بعد انتشار خبر اختفائه مع رفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين.
هي الصور نفسها التي تُرفع اليوم للسيد الإمام الذي لم يتغيّر. ملامح الوجه نفسها والابتسامة والعينان الثاقبتان نفسها التي نبحث عنها وننتظرها منذ عام 1978. سافر الإمام الصدر إلى ليبيا يومها مع صاحبيه بدعوة من القذافي، ولم يعودوا. سُردت نظريات عديدة عن إخفائهم، إلا أن أياً منها لم يثبت بشكل قاطع. وهكذا ألحِق الإمام بآلاف المخطوفين والمفقودين من أبناء شعبه. هم، كما الإمام الصدر، ليسوا مجرّد صور. ومن عرفهم وعايشهم والتقاهم يوماً وأحبهم لا يمكن أن ينساهم. بل مهما طال تغييبهم لن يتوقف البحث ولن يمرّ يوم من دون أن نسأل عنهم ونقلق ونخشى أن يكونوا في حاجة إلينا ولا يمكننا الوصول إليهم.
أعتقد أن الإمام المغيّب قد لا يحبّذ فكرة تخصيص فقرة أو مقال عنه في ملف عن آلاف المفقودين والمخطوفين، إذ طالما كان يكرر أنه من الناس وفي خدمة الناس، ولا يعلو شأنه شأن آلاف المظلومين والمستضعفين. ولهذا السبب تحديداً خصّصنا هذه الفقرة عن الإمام الحبيب، إمام المقهورين والمعذبين، إمام الحق والعدل والإنصاف.