لطالما شكّل الشيخ جديدة رأس حربة في قيادة المعركة الانتخابية للرئيس الحريري، ولم يكن يفارق الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري خلال جولاته الانتخابية في قرى عكار وبلداتها، مشجعاً على انتخاب لائحة «المستقبل»، وناهياً عن الاقتراع لخصومه.
جديدة، من جهته، قال لـ«الأخبار» إن أبواب الدائرة «مفتوحة لكل المرشحين ونحن على مسافة واحدة من الكل، ونلتزم بتعليمات المفتي» عبد اللطيف دريان، مؤكداً أن «لا مقاطعة للاستحقاق الانتخابي المقبل، ونؤمن بأن الطائفة السنية ستكون أقوى من السابق». لكن كثيراً من المشايخ الذين تحدثت إليهم «الأخبار» أكّدوا أن جديدة «سيبقى على مواقفه الداعمة للنواب السنّة في عكار، وتربطه علاقات جيدة مع النواب الحاليين، وتحديداً وليد البعريني وطارق المرعبي ومحمد سليمان وهادي حبيش. والأمر نفسه ينطبق على العدد الأكبر من المشايخ الذين يشعرون بأن الطائفة في خطر، ويتحضّرون لخوض الاستحقاق المقبل بشعارات منددة بالعهد، وخصوصاً أن الشحن الطائفي والمذهبي في أوجه وسيكون عنوان المرحلة المقبلة على صعيد كل لبنان».
في المقابل، يُعرف زكريا (مفتي عكار بين 2013 و2018) بمواقفه الهادئة، وكان له دور مهم في درء الفتنة عن عكار في أكثر من محطة (مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد، أحداث عرسال عام 2014 ، أحداث جبل محسن والتبانة وارتدادها على قرى وبلدات سهل عكار المتداخلة)، وهو ساهم مع بقية المراجع الروحية في تأسيس اللقاء الروحي العكاري. يحسم المفتي زكريا موقفه من الاستحقاق الانتخابي المقبل، مؤكداً أهمية «التغيير والمشاركة في الانتخابات من خلال الاقتراع، لا الجلوس والانعزال وترك الساحة». وشدّد على أن «الثورة الحقيقية تكون في الصناديق لا في قطع الطرقات والاعتداء على ممتلكات الآخرين». وهو لا يخفي علاقته الممتازة بالسعودية التي «لا تتدخل على الإطلاق في الواقع السياسي، (...) وتنتظر من الأوفياء في لبنان أن يكون لهم الصوت المعبر في صناديق الاقتراع».
البعض سيكون حيث تكون المصلحة لأن مشايخ عكار هم الأفقر في لبنان
«كنا ننتظر موقفاً واضحاً من مفتي الجمهورية للمّ شمل الطائفة، لكن ضبابية دار الفتوى تبقينا في حالة ترقب وضياع»، يقول أحد مشايخ عكار، مؤكداً أن «البعض سيكون حيث تكون المصلحة، وخصوصاً أن واقع مشايخ عكار يختلف عن بقية المناطق، فصندوق عكار الأفقر في لبنان، ولا مفتي لدينا لمتابعة شؤوننا لدى دار الإفتاء في بيروت، وللأسف كنا ننتظر تجديد المنحة الإماراتية التي ساهمت على مدار خمس سنوات في تخفيف أعباء الحياة المعيشية (220 دولاراً شهرياً لكل شيخ)، إلا أن الأوضاع السياسية المأزومة بين لبنان والخليج أدت الى توقفها، ومنذ أكثر من سنة أحوال المشايخ سيئة للغاية».