بعد الحرب الأهلية، وسّع «الصندوق الوطني للديموقراطية» (NED) عمله ليشمل لبنان، بالتزامن مع تأسيس «جمهورية الطائف». تلقت «المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم»، التي تأسست عام 1987، منحاً من الصندوق منذ عام 1993 وهي تصف نفسها بأنها «واحدة من أكثر المنظمات غير الحكومية نشاطاً في لبنان والعالم العربي». وتشارك الصندوق مع «مؤسسة فورد» في إنشاء «المركز اللبناني للدراسات» (LCPS) والمنظمات المرتبطة به، وشكّلت الانتخابات وجهود «السلام» نقطة التركيز الرئيسة للمنظمات الممولة من NED والمنظمات المتّصلة به. حدّدت الولايات المتحدة في 2006 دعم وإنشاء قانون لإصلاح الانتخابات، وإصلاح القضاء، ودعم حكومة «مختصة وشفافة» كأولويات، وانعكست هذه الأهداف في نشاطها ودعمها للمنظمات غير الحكومية المحلية عبر NED.

عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري، انتقل مجال نشاط NED في لبنان من التركيز الحصري على الانتخابات إلى التركيز على وسائل الإعلام والانتخابات معاً، وسعت الجهود إلى إنشاء كتلة شيعية مناهضة لحزب الله. عام 2005 قامت جمعية «هيا بنا» على أساس «أصوات ليبرالية مستقلة وحديثة» من أجل «مقاومة ثقافة الخوف». وتصف الجمعية هدفها بالاستفادة من «أولى بشائر التفاؤل بعد انسحاب القوات السورية من لبنان عام 2005، حملتنا الأولى التي سلطت الضوء على حق المواطنين في المشاركة في الحياة السياسية على أساس القيم المدنية بدلاً من الانتماء الطائفي.» عام 2008، التقى القائم بالأعمال في السفارة مع «هيا بنا» التي نظّم مؤسسها لقمان سليم لقاءً مع ثلاثة طامحين لإنشاء إعلام شيعي معارض «مستقل». كما دعمت أموال «مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية» (EPI) برنامجاً في IRI لدراسة مشكلة «الرقابة الذاتية» في وسائل الإعلام من قبل الصحافيين الشيعة.
عقب اغتيال الحريري، انتقل نشاط NED من التركيز الحصري على الانتخابات إلى التركيز على وسائل الإعلام والانتخابات معاً


كان NED المنظمة الأقرب إلى السفارة الأميركية خصوصاً في دورة انتخابات 2009. في تلك الدورة، وفيما كانت الولايات المتحدة تراقب حالة خطة «لجنة قانون بطرس» للإصلاح الانتخابي في البرلمان، كان التواصل منتظماً بين الحكومة الأميركية ومتلقي المنح للعمل الانتخابي في المعهد الديموقراطي الوطني (NDI)، والمعهد الجمهوري الدولي (IRI) ، التابعين لـ NED، إضافة إلى المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية (IFES) والمركز اللبناني لدراسات السياسات (LCPS)، والمنظمات التي نشأت عنه، وجمعية الشفافية اللبنانية (LTA)، والحملة المدنية للإصلاح الانتخابي (CCER).
وقام «NED» مع المركز اللبناني للاستشارات وجمعية الشفافية اللبنانية، برعاية عدد من الأوراق البحثية والمبادرات حول «الحكومة المحلية وتقديم الخدمات» بما يتماشى مع حملة المركز الساعية لتحقيق اللامركزية (ومهمة «NED» الدائمة لمراقبة الانتخابات البلدية المحلية) وإشراك الشباب في الدراسات السياسية والندوات وورش العمل. رغم أن «NED» تستثمر حوالي ربع ما تستثمره «مؤسسة فورد» (التي تتشارك مع الصندوق في تمويل المركز اللبناني للاستشارات والمنظمات الشريكة لها، أي الحملة المدنية لإصلاح الانتخابات وجمعية الشفافية اللبنانية) في لبنان في السنوات الأخيرة، لكنها كانت وتبقى أهم منظمة لتطوير أسس واستراتيجيات التعاون المباشر للولايات المتحدة ووضع جدول أعمال للمجتمع المدني، من خلال استخدام منظماته الفرعية (NDI وIRI وغيرها) وشركائه، مثل «مؤسسة فورد» كمقاولين فرعيين أساسيين لتحقيق أهداف حكومة الولايات المتحدة.