ورد في الورقة المعدّة من «معهد الشرق الأوسط - MEI» و«فريق العمل من أجل لبنان – ATFL» و«التنفيذيون الماليون اللبنانيون الدوليون - LIFE» للإدارة الأميركية مجموعة من التوصيات:
في ما يلي خطوات أساسية يمكن للولايات المتحدة اتخاذها لمساعدة لبنان على وقف انزلاقه نحو فشل كامل لا رجعة فيه، وتمهيد الطريق للإصلاح والتعافي.
1- قيادة ائتلاف ديبلوماسي:
يجب على الولايات المتحدة أن تحشد شركاءها الدوليين والإقليمي لتشجيع وقيادة تحالف دولي، يهدف إلى دعم الإصلاحات والتقدّم في لبنان، والوقوف في وجه تأثير كلٍّ من الجهات الفاعلة المسلّحة غير الحكومية مثل حزب الله، والسياسيين الفاسدين، الذين يهدّدون بجرّ البلاد إلى مزيد من التدهور. يجب على الولايات المتحدة أن تعمل، عن كثب، مع فرنسا وأصدقاء لبنان الأوروبيين الآخرين، كما يجب أن تُشجّع الدول العربية، بما في ذلك مصر والأردن ودول الخليج، على لعب دور أكثر استباقية، وتطلّعية، في البلاد.
2- إشراك الحكومة الجديدة للضغط من أجل اتخاذ قرارات وإصلاحات عاجلة وواضحة ومعقولة. ومن بين الأولويات في هذا المجال:
• إعادة بناء الثقة مع الناس، من خلال بناء شبكة أمان اجتماعي مستدامة، والتوفير الكافي لإمدادات الطاقة والمياه، وعملة مستقرّة، والوصول إلى الودائع المصرفية، وحماية حقوق الإنسان والحقوق المدنية.
• مواصلة واختتام المفاوضات الحاسمة مع صندوق النقد الدولي، بشأن حزمة إعادة الهيكلة، بالاشتراك مع البنك الدولي والمانحين الدوليين، لتوفير خطّة إنقاذ شاملة ومستدامة؛ والضغط على البرلمان لتمريرها.
• التأكيد على عدالة الإصلاحات المصرفية، وتقسيم الخسائر بشفافية لحماية المودعين الصغار والمتوسّطين
• اتخاذ خطوات فورية وملموسة لمحاربة الفساد
• تقليص نفوذ حزب الله في صنع القرار على جميع المستويات، من خلال إصلاحات القطاع العام
• التحرّك بناءً على التشريعات القائمة التي تضمن استقلال القضاء وتمكينه
3- الحفاظ على الضغط، وزيادته، لإجراء الانتخابات البرلمانية والمحليّة، ثمّ الانتخابات الرئاسية، في الوقت المحدّد: يجب على الولايات المتحدة أن تذكر أنّه ستكون هناك عواقب، إذا قام أعضاء البرلمان، أو الحكومة، بعرقلة هذه الانتخابات، أو قاموا بتمديد ولاية البرلمان أو الرئيس.
انتخابات أيار 2022 هي أوّل فرصة بعد الانهيار أمام الشعب اللبناني للتعبير ديموقراطياً عن تفضيلاته وتطلّعاته. وعلى الرغم من أنّ الانتخابات قد لا تكون غاية في حدّ ذاتها، إلّا أنها تظلّ وسيلة حاسمة للتغيير الديموقراطي الذي من المرجّح أن يقدّم وجوهاً جديدة للحياة السياسية اللبنانية، وربّما يجرّد حزب الله وحلفائه من الأغلبية البرلمانية.
يجب على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، إرسال فرق مراقبة الانتخابات ذات الصلاحيات، قبل إجراء الانتخابات بفترة طويلة، وذلك لمراقبة الاستعدادات والعمليات، ومواصلة الضغط على الحكومة والبرلمان الحالي. ويجب أن يتمّ تفعيل ذلك من قبل الولايات المتحدة، من خلال زيادة الدعم لـ«المؤسّسة الدولية للأنظمة الانتخابية» (IFES) و«المعهد الجمهوري الدولي» (IRI) و«المعهد الديموقراطي الوطني» (NDI)، كمراقبين ومستشارين للمجتمع المدني، بشأن المشاركة الفعّالة في انتخابات. يجب إيلاء اهتمام خاص أيضاً، لـ(1) التعاون الوثيق مع الأمم المتحدة والشركاء الأوروبيين في التحضير للانتخابات وأثنائها، (2) ولضمان المشاركة الكاملة والشفّافة للمغتربين في انتخاب جميع المقاعد البالغ عددها 128، والدعوة إلى فرز أصوات المغتربين على مستوى السفارة، لتقليل فرص التلاعب بالأصوات، (3) ولمنع التلاعب بالبطاقات النقدية، وبرامج البنك الدولي، والمزايا الحكومية الأخرى، بهدف تأمين الأصوات. وعلى الرغم من أنّ الحكومة تشير إلى أنّه ليس لديها الوقت لإنشاء مراكز التصويت الضخمة داخل البلاد، إلّا أنّ الخبراء في هذا المجال يشكّكون في ذلك. يجب البحث في إمكانية إقامة مثل هذه المراكز، من أجل تحقيق أقصى مشاركة من الناخبين في لبنان. يجب زيادة التمويل الأميركي لمنظمات المجتمع المدني، التي تروّج للديموقراطية وسيادة القانون والانتخابات النظيفة والنزيهة.
4- الحفاظ الدعم الحالي للجيش اللبناني، وزيادته. وبالإضافة إلى ذلك، تمديد الدعم لقوات الأمن الداخلي (ISF) التي تتولّى إدارة جزء كبير من عمليات الانتخابات البرلمانية والمحلية:
زيادة مستويات التمويل لـ«المراقبة الدولية للمخدّرات وإنفاذ القانون» (INCLE)، و«عدم الانتشار، وإزالة الألغام، والبرامج ذات الصلة» (NADR)، و«التمويل العسكري الأجنبي» (FMF)، الذي حصل على 10 ملايين دولار، و11.8 مليون دولار، و105 ملايين دولار، على التوالي، في عام 2021. الأزمة المستمرّة تضع ضغوطاً غير مسبوقة على المدنيين وأفراد الأمن، ما يهدِّد رأس المال البشري اللبناني، والأمن القومي. كما يتحوّل الوضع، بسرعة، إلى كارثة جيلية لا رجعة فيها. على الجانب الأمني، يمكن أن تساهم المساعدة الأميركية في الاستقرار، من خلال التخفيف من الحاجات الإنسانية لأفراد القوّات المسلّحة، وقوى الأمن الداخلي وعائلاتهم. ويمكن أن يساعد ذلك في التعويض عن التدهور في الرواتب، وتآكل معنويات الجنود، والأثر السلبي على الجاهزية العملياتية للقوات المسلّحة وقوات الأمن. وفي هذا الإطار، يجري البحث في مقترح لإعادة برمجة تمويل السنة المالية 2020 جزئياً، لدعم الحاجات الإنسانية للقوات المسلّحة، وقوى الأمن الداخلي. وهذا المقترح يستحق الدعم.
توصي الورقة بالاحتفاظ بالعقوبات وتنفيذها وفقاً للقوانين الأميركية المتعلّقة بمكافحة الفساد، ومكافحة الإرهاب، وكآلية لإخضاع السياسيين اللبنانيين للمساءلة، والحفاظ على الضغط


5- الحفاظ على ــــ وزيادة ــــ الدعم للمؤسّسات التابعة للولايات المتحدة وبرامج الدعم الإنساني:
في هذا الصدد، يجب على الولايات المتحدة أن تجعل من أولوياتها، تمويل الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) والجامعة اللبنانية الأميركية (LAU)، وتقديم منح دراسية لأفراد المجتمع الأكثر ضُعفاً. ومع أصدقاء لبنان الآخرين، من الضروري الحفاظ على برامج «صندوق الدعم الاقتصادي الأميركي» (ESF)، بما في ذلك «مبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط» (MEPI)، التي تظلّ مثبِطاً حاسِماً لنزيف العقول المستمر، بسبب دعمها الأساسي للمؤسّسات التعليمية والصحية. إنّ شعب لبنان هو رأسماله، ومورد ذو قيمة مضافة لأيّ أملٍ في التعافي. إنّ وقف تدفّق الأشخاص، من خلال دعمهم ومؤسّساتهم داخل الدولة، هو مفتاحٌ لبناء التعافي المُستدام. يجب على الولايات المتحدة أن تدعم البطاقات النقدية المدعومة من البنك الدولي، وبرامج المساعدة اللبنانية المماثلة، التي تستخدم منصة IMPACT لتسجيل العائلات المؤهّلة، من أجل ضمان الشفافية وتقديم الخدمات بشكل مناسب. على المدى الطويل، يجب على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، النظر في إنشاء «صندوق تنمية دولي» معتمَد من الأمم المتحدة، يديره خبراء محلّيون ودوليون. سيقوم هذا الصندوق بتنسيق ومراقبة المساعدة تحت مظلّة واحدة، لضمان الوصول إلى المستفيدين، والتخصيص الفعّال للأموال، والشفافية في عمليات المساعدة الخارجية.
6- الحفاظ على تأكيدات سياسة الولايات المتحدة المتعلّقة بمكافحة الفساد، بما يتّسق مع البيانات الأميركية الأخيرة:
تماشياً مع أحد أهم ركائز أجندة إدارة بايدن في السياسة الخارجية، يمكن للولايات المتحدة أن تكثِّف الضغط على عدّة أبعاد، على المدى القريب، بما في ذلك (1) الإصرار على إجراء تحقيق كامل في انفجار مرفأ بيروت، (2) تنفيذ تدقيق البنك المركزي والوكالات ذات الصلة، (3) تعقُّب الأموال المحوّلة بشكل غير قانوني، على مدى السنوات القليلة الماضية، واستردادها (4) تنفيذ التشريعات القائمة التي تضمن استقلال القضاء، (5) إعادة هيكلة قطاع الكهرباء الفاسد وغير الفعّال، (6) والتوضيح للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، ضرورة حماية حقوق الإنسان لجميع المواطنين، إلى جانب الحاجة إلى حماية الأمن العام ضدّ أيّ مجموعات أو أطراف قد تهدّده. يمكن أن يساعد التحرّك عبر هذه الأجندة، الحكومة اللبنانية على إرسال إشارات للمجتمع الدولي، بشأن حسن نيّتها وجديّتها ومصداقيّتها، عندما يتعلّق الأمر بمكافحة الفساد والدفاع عن حقوق الإنسان، والتمسُّك بالسيادة، وسيادة القانون.
7- الاحتفاظ بالعقوبات وتنفيذها وفقاً للقوانين الأميركية المتعلّقة بمكافحة الفساد، ومكافحة الإرهاب، وكآلية لإخضاع السياسيين اللبنانيين للمساءلة، والحفاظ على الضغط، من أجل الإصلاح الإيجابي وتعزيز الدولة.
منذ ما يقرب من عامين إلى اليوم، جعل المجتمع الدولي توقّعاته للحكومة والبرلمان اللبنانيين، واضحة للغاية، ولكن لم يتغيّر إلّا القليل. يمكن للعقوبات المنسّقة والمتزامنة، والمشتركة مع المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، أن تضع ضغطاً كبيراً على السياسيين اللبنانيين المتورّطين في الفساد وفي تقويض سيادة الدولة، وإيواء الأنشطة الإرهابية، وانتهاكات حقوق الإنسان، وسوء الإدارة الجسيم للشؤون المالية، وقطاعات الخدمات في البلاد. لبنان كان قد انضمّ إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد»، والتي توفّر آلية، في حال طلبت الحكومة، للتحقيق وتحديد وضبط الأصول التي تمّ نقلها بشكل فاسد إلى خارج البلاد. يجب ممارسة الضغط على الحكومة، لتنفيذ الآليات المُتاحة لها من خلال هذه الاتفاقية، وكذلك تلك المتاحة عبر البنك الدولي.
8- الخوض، بعناية، في القضايا الإقليمية، بما في ذلك صفقات الطاقة في المشرق، ومفاوضات الحدود البحرية مع إسرائيل:
بينما يجب على الولايات المتحدة المضي قدماً في تشجيع مخطّطات نقل الطاقة من مصر والأردن عبر سوريا إلى لبنان، يجب عليها أن تقف بحزم ضدّ أيّ فرصة لعودة التدخّل السوري في لبنان، وأن توضح أنّ ليس لديها نيّة للمصالحة مع نظام الأسد. تشمل المجالات الأخرى، التي يمكن للولايات المتحدة تكثيف الجهود الدبلوماسية فيها (1) دعم إعادة بناء العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع دول الخليج، (2) استئناف الدوريات الحدودية للقوات اللبنانية المسلّحة للحدّ من التهريب على حدود لبنان الشرقية والشمالية، (3) اتخاذ خطوات ملموسة وذات مصداقية لبناء الثقة ودفع المفاوضات البحرية مع إسرائيل إلى نهايتها، وبالتالي إطلاق العنان لإمكانات لبنان في مجال الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن توضح أنّ استقلال لبنان وسيادته يمثّلان مصلحة وسياسة أميركية راسخة، وأنّ هذا الأمر لن يكون موضوع نقاش أو تسوية محتملة في أيّ محادثات مع إيران، بشأن الاتفاق النووي.