كان يُفترض أن تغطي منحة الـ 350 مليار ليرة المخصّصة للمدارس الخاصة، وفق القانون 624 (13/1/2022) جزءاً من أقساط التلامذة عن العام الدراسي 2019 - 2020، إلا أن الآلية التنفيذية لتحديد وجهة الصرف في القانون، تنص في المادة الثامنة على أن تتقاضى المدرسة نصف القيمة الإجمالية للمساهمة المستحقّة لها لقاء تعهدها الخطي بأن تسدد ما هو مستحق عليها من متأخرات رواتب أفراد الهيئة التعليمية، وقيمة الاشتراكات المتوجّبة عنهم في العام الدراسي 2019 - 2020 إلى صندوق التعويضات، وأجور العاملين الآخرين لديها، ثم تصرف الباقي لهؤلاء على نحو متناسب بين حصته منه والراتب أو الأجر الذي يتقاضاه. أما صرف النصف الثاني من المساهمة فيكون عند إبرازها إقراراً من كل المستفيدين من هذه المساهمة يفيد عن قبضه للمتأخرات من رواتبه في حال وجودها، ولحصته من النصف الأول منها، ولإفادة من صندوق التعويضات تثبت تسديد الاشتراكات المتوجبة في عام 2019 - 2020.الآلية التي لا تأتي على ذكر استفادة التلامذة من الدعم صدرت في الجريدة الرسمية بعد شهرين من إقرار قانون المنحة الرقم 247 بتاريخ 12/11/2021، من دون أن تُنشر ضمن القرارات والمراسيم على الموقع الإلكتروني لوزارة التربية.
الباحث في التربية والفنون، نعمه نعمه، قال لـ «الأخبار» إن الآلية التنفيذية «أضاعت الهدف الأساسي للقانون، إذ تدعم المدارس وليس أهالي التلامذة المتعثّرين، عبر تغطية الكسور عليها لصندوق التعويضات والضمان الاجتماعي وتخلّفها عن دفع الدرجات الست الاستثنائية للمعلمين المنصوص عنها في قانون سلسلة الرتب والرواتب، ومفعولها الرجعي لخمس سنوات، في حين أن معظم التلامذة دفعوا القسط عن العام الدراسي 2019 - 2020، ومن لم يدفع تسجل المدرسة المبلغ عليه على سبيل الدين وتطالبه بتسديده عاجلاً أم آجلاً». و«النتيجة الدفع من جيوب الناس لتغطية سرقة المدارس».
الثغرة البنيوية، بحسب عضو لجنة صياغة القانون النائب إيهاب حمادة، «يتحملها مجلس النواب وليس وزارة التربية. فبعدما كانت وجهة القانون الذي أعددناه هو الحسم من أقساط التلامذة، والدفع للمدرسة عن التلامذة غير الممنوحين من صناديق ضامنة ومطالبتها بتقديم براءة ذمة بأنها دفعت حقوق المعلمين، أي دعم المكونات الثلاثة، طار دعم المكوّن الأول بمبلغ مليون ليرة لكل تلميذ، وتحولت المنحة إلى مصلحة الأستاذ، على أن تُدفع عن التلامذة. وبما أنه دعم للمدرسة، فلا مبرر لإبقاء شرط الدفع عن التلامذة غير الممنوحين فحسب، طالما أن التلامذة لا يستفيدون من الدعم أصلاً». وسأل حمادة: «من يضمن أن لا تضغط المدرسة على الأستاذ وتجعله يوقّع براءة ذمة من دون أن تدفع له؟ وهل هناك تناسب بين المنحة التي يتقاضاها الموظفون وأقساط أولادهم اليوم؟». مع مستجدات الأزمة، كان الأجدى أن تشمل المنحة جميع الطلاب الممنوحين وغير الممنوحين. وأوضح حمادة أن المجلس النيابي «رفض خلال جلسة الهيئة العامة لإقرار القانون مطالبتنا بتعديل سنة الاستفادة من 2019 ـ 2020 إلى 2021 ـ 2022، لكون التلامذة سدّدوا أقساطهم في هذه السنة، وللهروب من ذلك، جرى استثناء التلامذة من الدعم».
الآلية التنفيذية للقانون تدعم المدارس وليس أهالي التلامذة المتعثّرين


في الأساس، شاب القانون الكثير من الالتباسات لكونه أُقر متأخراً بنحو سنتين، وترك أسئلة كثيرة: هل يُقتطع المبلغ من قسط التلميذ في العام الدراسي الحالي (2021 - 2022)، ولا سيما إذا كان دفع القسط كاملاً خلال العام المحدد في القانون، وكيف ستُحتسب المنحة إذا انتقل التلامذة إلى مدارس أخرى؟ وإذا كانت المدارس أعطت المعلمين حقوقهم في العام نفسه، فماذا ستفعل بالمنحة؟ وهل ستذهب إلى حساباتها الخاصة؟ ماذا لو كانت المدرسة قد سدّدت اشتراكاتها عن المعلمين لصندوق التعويضات؟ وماذا عن التلامذة الممنوحين المستثنين من المساعدة؟ وهل جميع أولياء الأمور يصرحون فعلاً بأنهم ممنوحون من صناديق ضامنة؟
حمادة رأى أن «من حق المدرسة أن تحتفظ بالمنحة في حساباتها الخاصة إذا كانت قد دفعت فعلاً كل متوجباتها عن المعلمين والعاملين فيها، فالقانون يهدف في الأصل إلى دعم المدرسة الخاصة التي تدرس 65% من التلامذة اللبنانيين».
ورغم أن عنوان القرار هو المساهمة في جزء من أقساط التلامذة اللبنانيين في المدارس الخاصة عن عام 2019 - 2020، فإن «المستفيد من الآلية هو المدارس وليس التلامذة»، بحسب النقيب السابق للمعلمين نعمه محفوض الذي شكّك في مراقبة المدارس للتأكد من دفع مستحقات المعلمين. ولفت إلى أن «المتأخرات على المدارس عن اشتراكات المعلمين في صندوق التعويضات ليست جديدة، إذ إن إحدى المؤسسات عليها 17 مليار ليرة من عام 2020، وقبل شهر فقط، كانت 15% من المدارس قد دفعت الدرجات الست، أما اليوم فقد ارتفعت النسبة إلى 60%». محفوض طالب بتحويل الـ 350 مليار ليرة إلى المعلمين «على سبيل المساعدة الاجتماعية، لكونهم المكوّن الأكثر تضرراً من الأزمة، أسوة بزملائهم في التعليم الرسمي».
الأهل خاب أملهم من القانون، على ما قالت رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة لمى الزين الطويل، إذ كانوا يتوقّعون أن توفر الدولة عليهم وليس على المدارس، «خصوصاً أن الإدارات استوفت الأقساط كاملة في عام 2019 ـ 2020 مقابل التعليم عن بعد». ورأت أن «وزارة التربية تتعاطى مع كل الملفات من كورونا إلى الأقساط على أنها الجدار الحامي للمؤسسات على حساب الأهل».