ينأى التيار الوطني الحر بنفسه عن الأزمة المستجدة بين لبنان والسعودية. السبت الماضي، دعا في بيان الى تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية التي لا علاقة له بها، معرباً عن «الأسف» للأزمة العميقة التي تؤثر على العلاقة مع المملكة ودول الخليج، مطالباً اللبنانيّين والسعوديّين والدول العربية بـ«إجراء مراجعة ذاتية وبدء حوار صادق على قاعدة الأخُوّة لتحقيق المصالحة الشاملة وتنقية العلاقات وتجديدها بما يؤدّي الى مأسستها واستقرارها ونموّها، فلا يعود ‏للآراء أو المواقف الفردية أي تأثير سلبي عليها».الوقت حان لأن تنتقل العلاقة اللبنانية ــــ السعودية من علاقة فرد واحد أو أفراد بالمملكة الى علاقة مع الدولة اللبنانية، أي «الانتقال من الشخصنة الى المؤسسات»، كما تقول مصادر التيار. إذ «لا يمكن الاستمرار بالحال نفسها منذ التسعينيات عندما كانت علاقة الرياض ببيروت تمرّ عبر رفيق الحريري ثم وراثة سعد الحريري لهذه العلاقة عن والده، وصولاً الى افتراق الطرفين وبدء مسار الحرب الناعمة على لبنان لتنتهي بحصار تجاري واقتصادي وسياسي ودبلوماسي». كل ذلك يرتبط، وفق مصادر التيار، بـ«النقطة الأولى» وهي أن «لا وجود لعلاقات لبنانية ــــ سعودية، بدليل أن الاتفاقيات التجارية الـ 57 بين البلدين لم توقّع أيّ منها وبقيت العلاقة خاضعة للانفعالات المرتبطة بأشخاص، رضىً أو غضباً، من دون وجود أي قانون يحمي المصالح المشتركة وينظّمها». لذلك، وبغض النظر عن كيفية انتهاء هذه الأزمة، فإن «الإجراء الأول الذي يفترض تنفيذه بعد انجلاء الضباب هو مأسسة علاقة البلدين ونقلها الى مستوى دولة لدولة من الاحترام والندّية».
في الميزان السياسي، تقرّ مصادر قيادية بأن التيار يعتمد منذ مدة «الحياد» في كل الملفات السياسية والاجتماعية التي تثير النعرات وتقود الى مشكلات لا لزوم لها في هذا التوقيت، من تحقيقات المرفأ وأحداث الطيونة الى تصريحات وزير الإعلام وما لحقها من اشتعال الجبهات بين لبنان والسعودية. هذا لا يعني عدم اتخاذ مواقف من مسائل حياتية تعنى بمصالح الناس. لكن المعيار هو «وجود معركة استراتيجية لحماية مصالح اللبنانيين وأمن الدولة، أو معركة عبثية تطيح بالمصالح وتضع الرعايا في دائرة الخطر». من هنا، يميّز التيار بين «أن يكون لبنان ساحة لتصفية الحسابات الخارجية، فيلتزم موقفاً مماثلاً للموقف اليوم، وبين التعدّي على أمنه ومواطنيه والمسّ بمصالحهم الحياتية والاجتماعية فيتخذ موقفاً واضحاً، كما فعل عند دخول المازوت الإيراني. يضاف الى ذلك، اقتراب الانتخابات النيابية وضرورة إعادة شدّ عصب الحزب وترميم الشارع. وفي هذا السياق، يدرك العونيون أنهم راكموا في السنتين الأخيرتين خسائر كبيرة، وأن الوقت حان لوقف النزف. تقرّ المصادر بأن الحياد «لن يحقق ربحاً. لكنه، على الأقل، لن يتسبب بخسارة إضافية».