رداً على التقرير الذي نشرته «الأخبار»، أول من أمس، بعنوان «الممول يحسم: هل يتحالف الجميل ومعوض مع نحو الوطن؟»، عممت عضو اللجنة التوجيهية في مجموعة «نحو الوطن»، رندلى بيضون، رسالة عبر «واتساب» أكّدت فيها أن الممولين لا يؤثرون في قرار المجموعة التي «ترفض الخضوع لشروط أي جهة ممولة»، ولذلك «لا تتعدى مساهمة كل ممول أكثر من 10 في المئة من إجمالي المبالغ المفترض جمعها لدعم الحملة الانتخابية».رسالة بيضون أتت بعد رسائل من مرشحين محتملين ومجموعات المجتمع المدني تسأل عن حقيقة قطع التمويل عن منصة «نحو الوطن» التي ستعمل كماكينة انتخابية وتعقد حملات وبرامج تسويقية للمرشحين، في حال لم تعقد تحالفاً مع جبهة المعارضة الوطنية الممثلة بحزب الكتائب وحركة الاستقلال ومجموعات أخرى من بينها «تقدّم» (أبرز وجوهها مارك ضو) و«خط أحمر» (الأكثر تعبيراً عنها وضاح الصادق) وبعض المجموعات المناطقية.
لكن حصل في الأيام القليلة الماضية ما غيّر هذه المعادلة، بعد دمج «نحو الوطن» و«كلنا إرادة» ضمن منصة واحدة بناء على طلب الممولين، وذلك بعد اتصالات قام بها النائبان المستقيلان سامي الجميل وميشال معوض مع جهات لبنانية في الخارج وجهات أجنبية داعمة لاستمالة الممولين، متسلحَين باستطلاعات رأي وإحصاءات تختلف عن تلك التي قدمتها «نحو الوطن».
والمعلوم أن «كلنا إرادة» ورئيسها التنفيذي الجديد ألبير كوستانيان (قيادي بارز سابق في حزب الكتائب) من أبرز المتحمسين لعقد تحالف بين مجموعات المجتمع المدني والأحزاب السياسية المعارضة. وبحسب مطلعين على خلفية النقاشات فإن موقف المجموعة يستند إلى ما يوصف بـ«النظرة الواقعية التي توجب التحالف مع قوى وشخصيات لديها وزنها الانتخابي في الدوائر المستهدفة، مثل الكتائب ومعوض ونعمت أفرام وغيرهم».
حتى الأسبوع الماضي، كان الرأي الغالب على قيادة «نحو الوطن» رفض التعاون مع من أسمتهم «أحزاب السلطة». إلا أن الاجتماعات الدورية مع المجموعات والنقاش حول الاستراتيجية الانتخابية والمرشحين، أظهرت نزاعاً بين الطرفين، وأدت إلى انسحاب كل المجموعات عن الطاولة باستثناء «بيروت مدينتي» و«المرصد الشعبي لمحاربة الفساد» و«لنا» و«لِحقّي». وبحسب بعض الناشطين في المجموعات المنسحبة، فإن مسؤولة الماكينة الانتخابية في المنصة شانتال سركيس عمدت إلى التواصل مع مرشحين في عدد من الأقضية بطريقة منفردة، وأبلغت المجموعات أن قرار انتقاء المرشحين تحدده لجنة مؤلفة من 7 أعضاء، وهو ما سيؤدي حتماً إلى استبعاد كامل لبعض المجموعات. كما اشترطت «نحو الوطن» على كل مجموعة راغبة بالتعاون معها التوقيع على انتساب مرشحها الفائز إلى كتلتها والتزامه بكل قراراتها؛ وإذا ما قرر المرشح الخروج من الكتلة يتوجب عليه إعادة الأموال التي دُفعت على حملته الانتخابية. ويبدو أن هذا الشرط تحول إلى «خطأ» كلّف «نحو الوطن» خسارة الشرط الأول للمموّل أي توحيد المجتمع المدني. لذلك، بدأت المجموعة بالتراجع عن موقفها ودعم ما اتفقت عليه بقية المجموعات، أي «إعطاء الأفضلية لمرشحي المجموعات وبقرار صادر عنهم مع القبول باستثناءات تخص مرشحين مستقلين لهم وزنهم في بعض المناطق شرط أن تتبنى مجموعة ما ترشيحهم فينضموا إلى صفوفها».
انتهت النقاشات الأولية الى عدم معارضة مبدئية للتحالف مع الجميل ومعوض وسعد وافرام


اجتماعات «نحو الوطن» و«كلنا إرادة» من جهة، والمجموعات المدنية من جهة أخرى، توقفت قبل نحو أسبوع نتيجة القرار الذي طرأ بدمج المنصتين، علماً أن «نحو الوطن» كانت تريد الشراكة لا الدمج. لكن إدارة «كلنا إرادة» تمكنت، على ما يبدو، من فرض شروطها مدعومة بغالبية أو بكبار الممولين، على أن تعاود الاجتماعات مع بقية المجموعات فور وضع المنصتين استراتيجية موحدة لخوض الانتخابات.
ويبدو أن فريق «كلنا إرادة» كانت لديه شروطه للقبول بالتوحد مع «نحو الوطن»، من بينها عدم التعاون مع قيادات بارزة في هذه المجموعة. ويجري الحديث عن احتمال استقالة أو إقالة كل من شانتال سركيس وعلي عبد اللطيف من «نحو الوطن»، مع التركيز على سركيس التي تتهمها أوساط بعض المجموعات بمحاباة «القوات اللبنانية»، وصولاً إلى تعمدها عدم شمول قضاء بشري بالحملة الإعلانية التي أطلقتها المجموعة تحت عنوان «حان وقت التغيير». علماً أنه توجد داخل فريق «كلنا إرادة» شخصيات بارزة مثل حبيب كيروز الذي يرفض أي تعاون مع القوات لا في بشري ولا في أي منطقة أخرى.
في موازاة ذلك، انتهت النقاشات الأولية بين المنصتين على عدم معارضة مبدئية للتحالف مع كل من الجميل ومعوض والنائب أسامة سعد والنائب المستقيل نعمت أفرام. ووضعت المنصة الموحدة حديثاً سقفاً تمويلياً لكامل العملية الانتخابية يتراوح بين 30 و50 مليون دولار، من دون أن يتضح حجم مساهمة كل ممول بعد. فيما تصرّ المجموعات على معيارين للموافقة على التحالف مع أحزاب المعارضة: أولهما أن يكون تبني مرشح من الأحزاب السياسية مُربحاً في الدائرة أي أن يرفع عدد المقاعد المتوقع الفوز بها، والثاني اعتماد صيغة واحدة على صعيد لبنان كله من دون استثناءات، بمعنى عدم فرض مرشحين في دوائر معينة بما لا يخدم مصلحة الكلّ.
ويظهر ناشطون خشيتهم من تولي قيادات محددة إدارة العملية والعمل على جذب مجموعات من خلال إغراء التمويل، وهو ما دفع البعض إلى الحديث عن أن الضمانة الوحيدة للحفاظ على تماسك الجبهات السياسية في وجه شروط المنصة هو التكاتف سوياً. ويمكن لجبهة المعارضة الممثلة بالأحزاب والمجموعات المنضوية تحت «نداء 13 نيسان» أن تلعب دوراً رئيسياً في قيادة دفة القرار لأنها تمثل العمود الفقري لكل المجموعات، وباستطاعتها فرض شروطها على «نحو الوطن» و«كلنا إرادة».
من جهة أخرى، برزت مشكلة رئيسية تتعلق بتبني ترشيح النساء. إذ سبق أن اتفقت غالبية المجموعات مع المنظمات النسائية الناشطة في مجال حقوق المرأة على اعتماد كوتا نسائية بنسبة 50 في المئة في اللوائح الانتخابية. لكن، كما في المجلس النيابي كذلك لدى من يدّعون النضال من أجل تفعيل دور المرأة في الحياة السياسية. فخلال المؤتمر التي عقدته المنظمات النسائية في فندق بادوفا، تحدثت ناشطات عن تبلغهنّ قرار المجموعات عدم قدرتها على الالتزام بهذه الكوتا، أي عدم تضمين اللائحة نساء إلا كما تراه المجموعات ضرورياً. وفي حين كان ثمة اتفاق ضمني على ترشيح نساء في عكار، جرى إبلاغهنّ أيضاً بأن المصلحة الانتخابية تقتضي ترشيح رجال على المقاعد السنية في تلك الدائرة.