صُعقنا بما تضمنه مقال نُشر في جريدة «الأخبار» (5 تشرين الأول 2021) بعنوان «جمعيّتا المصارف وتجّار بيروت: لتبعِ الدولة أملاكها» من مغالطات وتأويلات لا أساس لها من الصحة.فجمعية تجار بيروت لم تنفرد بالاجتماع مع جمعية المصارف، بل كانت منضوية ضمن وفد من الهيئات الاقتصادية. وإذ يوحي المقال بأن ثمّة سلسلة من الاجتماعات عُقدت وتُعقد مع جمعية المصارف، فالواقع هو أن اجتماعاً واحداً وحيداً تمّ عقده (أول من) أمس بمناسبة انطلاقة العمل الحكومي من جديد.
وبعيداً عن أي نيّة تآمرية، كان طابع الاجتماع تنسيقياً وتشاورياً، وهدفه توكيد التضامن بين الهيئات الاقتصادية وجمعية المصارف، كما يحصل بين الفينة والأخرى مع أي مكوّن آخر من الهيئات. وتماماً كما أتى على لسان شماس من أننا «نتبنّى موقف المصارف»، فهي المعنية الوحيدة بصياغة مقترحاتها وطروحاتها، من دون مشاركة أو تدخّل أي جهة أخرى في هذه المهمة، لأن هذا دورها الطبيعي.
والأهم أن شماس لم يذكر إطلاقاً إمكانية بيع الدولة لأملاكها، بل اكتفى بذكر أن عليها تحمّل مسؤولياتها الأكيدة في ردم الهوّة المالية الكبيرة، وإن كاتبة المقال اجتهدت من عندياتها حينما أشارت إلى أن «تحمّل الدولة مسؤولياتها» يوازي «اعتماد خيار بيع الأصول».
وبالعكس تماماً، فقد استشهد شماس بكلام رئيس الحكومة العلني عن آلية التسديد (ووصفَها شماس بالتسلسلية وبالفرنسية بمصطلح cascade) بحيث أن الدولة تسدّد دينها للمصرف المركزي، الذي يقوم بدوره بسداده للمصارف، الأمر الذي يتيح إعادة الودائع لأصحابها، وهذا ما يعتبره شماس خطاً أحمرَ …
وقد كان حرياً بكاتبة المقال أن تُعَنوِن «لِتعُد الودائع لأصحابها»، وهذا ما قاله شماس حرفياً، نظراً لطابعه المكرّس والمقدّس، وليس «لِتَبِع الدولة أملاكها»، وهذا كلام مثير ومُجافٍ للواقع ولا أساس له من الصحة.
ومن المعروف أن من أدبيات شماس ومواقفه المعلنة أن ثمة سبلاً عديدة لتحمّل الدولة لمسؤولياتها المالية، ومنها إنشاء صندوق سيادي، وهو اسم على مسمّى، حيث تبقى ملكية الأصول للدولة، وتذهب عوائد الاستثمارات للتسديد للمودعين. وطريقة أخرى للسداد تكمن في تخصيص إيرادات سنوية (assigned proceeds) يتم استعمالها لإطفاء الدين، إلخ…
وبالمناسبة، إن ما جاء في بيان وزارة المالية (أول من) أمس لجهة «التزامها بحلِّ منصِف وشامل» و«حوار بحسن نية مع جميع المقرضين»، يصبّ في الاتجاه الصحيح.
أخيراً، نأسف للإيحاء بأن هناك علاقات خاصة ومصلحية مُفترضة بين الأوساط الاقتصادية وفريق عمل رئيس الحكومة، قد تُستغل لتغليب مواقفها في السجال الاقتصادي القائم حالياً.
كل ما في الأمر أننا نتعاطى، شأننا شأن جميع المعنيين بالمعضلة الاقتصادية الراهنة، مع خليّة العمل المعيّنة من قِبل رئيس الحكومة، وبِلغة الإقناع والاقتناع، وتغليباً للمصلحة العامة. فاقتضى البيان، ولا «منظومة»، ولا من ينظّمون!
مكتب رئيس جمعية تجار بيروت
نقولا شماس