خلافاً لما كانت قد أكّدته مصادر مصرفية عن قرار برفع الدعم عن استيراد المحروقات، بعد نفاد مبلغ الـ 200 مليون دولار الذي خصص لدعم استيراد المحروقات على سعر 8000 ليرة، تبيّن أن مصرف لبنان فتح اعتمادات لجميع الشركات المستوردة للنفط، بما مجموعه سبع شحنات مازوت وبنزين. لكن السؤال الأساسي، كيف فتح المصرف الاعتمادات على سعر 8000 ليرة من خارج الآلية التي تشير إلى تحمّل الدولة مبلغ 8000 ليرة تُشكّل الفارق بين سعر مبيع المحروقات وسعر منصة صيرفة التي يفتح المصرف الاعتمادات على أساسه؟ هل قرّر تحمّل الفارق بنفسه، بعدما كان قد رفض ذلك بشكل قاطع، إلى أن تمكّن من الحصول على التزام بأن تُسدّد الدولة نصف الاعتمادات بالليرة؟ تُنكر مصادر مصرفية ذلك، مؤكدة أن المصرف كان قد فتح اعتمادات بقيمة 120 مليون دولار منذ صدور القرار الوزاري حتى يوم أمس. وبالتالي، فإن فتح الاعتمادات السبعة جاء من المبلغ المتبقي، أي الـ 80 مليون دولار. وأضافت المصادر: بهذه الشحنات يكون المبلغ المخصص لدعم المحروقات قد نفد تماماً، حيث يُفترض أن تفتح الاعتمادات المقبلة على سعر السوق. لكن هذه الرواية تكذّبها الكمية المستوردة، فسبع شحنات من المحروقات لا يمكن أن يقلّ ثمنها عن 130 مليون دولار، كما تؤكد مصادر عاملة في القطاع. وبالتالي حتى لو كان صحيحاً أن 80 مليوناً كانت لا تزال متبقية، فقد أضاف إليها مصرف لبنان 50 مليون دولار من خارج الآلية المتبعة.في المقابل، تشير مصادر وزارية مسؤولة إلى أن وزارة الطاقة، كما الشركات المستوردة، سبق أن تبلّغت من مصرف لبنان نفاد المبلغ المخصص للدعم، على أن يصار إلى فتح أي اعتماد جديد على سعر السوق. وعليه، تسأل المصادر: هل قرر رياض سلامة "الترحيب" بميقاتي عبر إسقاط كل اللاءات التي كان يرفعها في وجه الحكومة السابقة؟ وهل صار فجأة مستعدّاً لتحمّل خسارة 8000 ليرة عن كل دولار يخصص لاستيراد المحروقات؟ ثم، ما الذي حصل حتى استبدل المصرف هدية رفع الدعم قبل تسلّم ميقاتي بهدية الإبقاء على الدعم، لكن ليس لأكثر من عشرة أيام، أي أنه لن يفتح أيّ اعتمادات جديدة على السعر المدعوم بعد الاعتمادات التي فتحها أمس؟
بعيداً عن الآلية الأخيرة لفتح الاعتمادات، تشير مصادر المستوردين إلى أن شركات النفط تتجه نحو رفض تسليم المحروقات حتى بعد فتح الاعتمادات، بحجة رفضها تغذية السوق السوداء. ولذلك، هي تفضّل شراء المحروقات خارج الدعم، ثم بيعها بلا دعم، طالما أن للمازوت سعرين رسميين (السعر للعموم والسعر بالدولار للمصانع) وطالما أن للبنزين سعراً رسمياً وسعراً آخر تتحكم به مافيا السوق السوداء. تختصر المصادر الموقف بالقول: من دون وجود رؤية واضحة لمسألة الدعم، نرفض تسليم البضاعة.