لنحو 48 ساعة، انتظر الجيش اللبناني التدخل لمنع تفاقم الفتنة الطائفية بين الجارتين عنقون ومغدوشة (قضاء صيدا) التي بدأت بخلاف على أفضلية تعبئة البنزين! وبالرغم من توتر الوضع ميدانياً وعلى مواقع التواصل الاجتماعي منذ مساء الجمعة، لم ينتشر الجيش قبل عصر أمس فاصلاً بين البلدتين. وكان الإشكال قد بدأ عندما هاجم شبان من عنقون إحدى محطات الوقود في مغدوشة المجاورة بعدما علموا بأن صاحبها قرر عدم تعبئة البنزين سوى لأبناء مغدوشة. وما إن علم البعض من أهالي مغدوشة بالإشكال حتى تنادوا للدفاع عن صاحب المحطة، وليردّوا الصاع صاعين لجيرانهم. الفوضى والاحتقان والاعتداء على محتويات المحطة، أضيف إليها وقوع ستة جرحى من مغدوشة بعد طعنهم بالسكاكين أو ضربهم بأدوات حادة.وبالرغم من أن المعتدين نُسِبوا إلى حركة أمل منذ الجمعة، إلا أن الرئيس نبيه بري أعطى توجيهاته عصر أمس، بالتزامن مع انتشار الجيش، لقيادات من الحركة بزيارة مغدوشة في محاولة لتطويق الإشكال الذي اتخذ طابعاً طائفياً. إذ قام مفتي صور والمسؤول الثقافي المركزي في «أمل» الشيخ حسن عبد الله بزيارة النائب ميشال موسى، حيث التقى راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك المطران إيلي حداد، قبل أن ينتقلوا الى عنقون حيث كان باستقبالهم وفد من فاعليات البلدة.
تأخر المعنيين بضبط الوضع سمح بمزيد من التعدّيات وفتح شهيّة جهات عدّة لاستثمار الحادثة معززين التحريض الطائفي. فبين الإشكال والتطويق، تكرر اعتداء شبان من عنقون على نواح مختلفة من مغدوشة من التعرض لممتلكات خاصة، إلى قطع الطريق بالإطارات المشتعلة بين البلدتين. وكان لافتاً بأن الغضب سطع في عنقون لدى محاولة عناصر من مخفر مغدوشة في قوى الأمن الداخلي القيام بمداهمات فيها للقبض على المتورطين بالاعتداء على المحطة وجرح الأشخاص الستة.
بمبادرات شخصية، حاولت فاعليات من عنقون تطويق ذيول الحادث، وخصوصاً بعد الانتقادات التي طالت أهالي عنقون «الذين لم يلتفتوا الى محتكري الوقود وبائعي غالونات السوق السوداء في بلدتهم، مع التأكيد على انعزالية قرار صاحب المحطة في مغدوشة». وفي هذا الإطار، زار وفد من حركة أمل في عنقون النائب ميشال موسى في منزله في مغدوشة السبت الماضي، وعبّروا عن استنكارهم لما حصل.
وفي حال هدأت النفوس بين الجيران والتزموا بالخطاب الوحدوي، إلا أن حادثة مغدوشة ــــ عنقون أظهرت مجدداً مستوى تدهور السلم الأهلي الذي يتجلّى بين محطات الوقود. مجموعة المعتدين على محطة مغدوشة تبرأت منهم «أمل»، بالرغم من انتشار مقطع مصوّر يوثّق عودتهم من الإشكال يستقلّون سيارات عليها رايات الحركة. تلك المجموعة، بصرف النظر عن انتمائها، لها مثيل في معظم البلدات والمدن، يقومون بدور «البلطجية» على المحطات وغيرها، يفرضون الخوات ويحصلون على ما يريدون بقوة السلاح والضرب والطعن. مع ذلك، تحرص الأحزاب المحلية على التبرؤ منهم والتأكيد على أنها تسحب الغطاء عنهم، مدّعية بأنهم لا يمتثلون لأي جهة، ثم يدعون القوى الأمنية والقضاء إلى ملاحقتهم، من دون جدوى!


«أمل»: صراعات داخلية؟
وضعت حادثة إطلاق النار في إحدى محطات الوقود في العباسية (قضاء صور) في إطار صراع الأجنحة داخل حركة أمل. رئيس البلدية علي عز الدين المحسوب على الحركة توجه يوم السبت مع عدد من أعضاء البلدية وأبناء البلدة إلى محطة يملكها آل فرج المحسوبين على الجهة نفسها، لمطالبتهم بـ«الإفراج عن مخزون المحروقات التي يخفونها في خزاناتهم»، فما كان من أصحاب المحطة ومرافقيهم أن خرجوا على الناس بأسلحتهم ورشاشاتهم، ما أدى إلى وقوع عدد من الجرحى وفق ما وثقت تسجيلات مصورة. كمال فرج المحسوب على غرار أشقائه على مسؤول حماية الرئيس نبيه بري العميد يوسف دمشق (المعروف بأبو خشبة) سجل شريطاً مصوراً يشرح فيه وجهة نظره من الهجوم على محطته. وفي شريط مدته ربع ساعة، اتهم شخصاً من آل ضيا بتحريض الناس على آل فرج، كاشفاً عن أن الأخير صهر مستشار بري الأمني أحمد البعلبكي.
لم يسبق أن تجرأ حركيون على تسمية الأمور والأشخاص بأسمائها علانية. وقبل أن يتم تطويق حادثة العباسية، انتشر بيان لافت موقع باسم أهالي القصيبة (قضاء النبطية) يستنكر "الإفراج عن ع. ح. الذي طعن أحد أبناء البلدة، من قبل القضاء من دون الأخذ في الاعتبار مشاعر المغدور وأهله وأهل البلدة". وحمل البيان "القاضي عباس حجا وأبو خشبة والجهات المعنية عن التداعيات وردود الفعل التي قد تراق من وراء هذا الإجراء الذي ينم عن عدم الشعور بالمسؤولية».