قبل خروجه من السرايا، بات رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسّان دياب، «رهينة». رهينة دار الفتوى ورهينة «نادي» رؤساء الحكومات السابقين ورهينة «حقوق الطائفة». بات أسير مخاوفه من الملاحقة القضائية أو السجن أو خسارة فرصه المُستقبلية بعد خروجه نهائياً من الحُكم. ارتضى أن يكون سهماً يُطلقه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ورئيس الحكومة المُكلّف نجيب ميقاتي، والرؤساء السابقون: سعد الحريري، فؤاد السنيورة وتمام سلام، في إطار صراعهم السياسي مع فريق رئاسة الجمهورية. والمعركة التي تحمل طابع المواجهة مع المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ، طارق البيطار، لمنح دياب حصانة تحول دون ملاحقته، هي في جانب آخر معركة حول الصلاحيات. فالمدافعون عن دياب يريدون تحويل القضية من مسألة الحصانة إلى الهجوم على رئيس الجمهورية العماد، في إطار النزاع على تأليف الحكومة.ويوم أمس، لقي دياب «احتضاناً» مذهبياً من قبل دريان وميقاتي، حيث شاركوا في افتتاح مسجد محمد البساتنة، قرب مستديرة شاتيلا في بيروت. وألقى دريان خطبة دافع فيها عن «موقع رئاسة الحكومة»، معبّراً عن «استهجانه» ما سمّاه «التصويب على رئيس حكومة تصريف الأعمال، الدكتور حسان دياب، وهو أمر غريب عن أصول التعامل والتخاطب مع رئاسة الحكومة». وتبنّى دريان موقف رؤساء الحكومات السابقين الداعي إلى «رفع كل الحصانات بإصدار قانون من المجلس النيابي بهذا الخصوص». وهاجم دريان رئيس الجمهورية، من باب «النصيحة» بالقول: «أتوجّه بنصيحة صادقة إلى فخامة رئيس البلاد، حاوِل أن تنقذ ما تبقّى من عهدك وإلا فنحن ذاهبون إلى الأسوأ وإلى أبعد من جهنّم إلى قعر جهنّم كما بشّرتنا».
ميقاتي «يذكّر» رئاسة الجمهوريّة بأنّ في لبنانَ دستوراً أُقرّ بعد الطائف!


وكان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية قد ردّ على بيان رؤساء الحكومات السابقين الذين حمّلوا «أروقة بعبدا» مسؤولية مذكّرة الإحضار التي أصدرها المحقق العدلي في جريمة المرفأ. ورأى مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أن «الكلام الخطير في البيان عن «العدالة المقنّعة» و«القضاء المسيّس» فيه إهانة واستضعاف مرفوض ومشين للسلطة القضائية»، معتبراً أن «توقيت البيان مريب، فيما رئيس الجمهورية يبذل جهداً لتأليف الحكومة للتصدي للمعاناة القاسية التي ينوء شعب لبنان تحت أثقالها». وقال إن «رئاسة الجمهورية مستمرة في التصدي لمكامن الخلل والتدقيق المركّز في حسابات مصرف لبنان وسائر مرافق الدولة لتحديد الخسائر والمساءلة».
من جهته، أكد الرئيس ميقاتي أن «الاعتذار ليس على مُفكرتي لأن لبنان بحاجة إلى تأليف حكومة. على مدى سنة الدولة مستقيلة، ونحن بحاجة إلى حكومة لتُعيد الدولة». لكنه في الوقت عينه أشار إلى أن «الوقت ضيّق وغير مفتوح». وفي حديث إلى قناة «العربية ــــ الحدث» السعودية، قال ميقاتي إنه وعون تجاوزا عقدة حقيبتَي الداخلية والعدل، لافتاً في الوقت عينه إلى أنه «في كلّ اجتماع (مع عون) نبدأ كأننا في المربّع الأول». وهاجم ميقاتي رئيس الجمهورية عبر القول: «ليس بالسهولة أن تُقنع الطرف الآخر بأنّه يوجد اتفاق طائف ودستور جديد جعل فصلاً مُعيّناً لدور رئيس مجلس الوزراء. ورئيس الوزراء يجب أن يكون له الدور الأول في التشكيل». وعن استيراد النفط الإيراني، قال ميقاتي: «تفريغ السفينة في لبنان سيُعرّضه لعقوبات، ولن نسمح لأحد بأن يودي بنا إلى عقوبات». ووجّه رسالة إلى جامعة الدول العربية مطالباً إياها بتقديم «شمعة للبنان بدلاً من أن ننتقد الظلام. نحن بحاجة إلى المساعدات. لا أستطيع أن أقف بوجه المواطن، وأقول له هذا موقف سياسي. لا تتخلّوا عن لبنان، ودوري أن أثبّت لبنان في الحضن العربي».