تطرّقت مقابلة صوتيّة أجراها موقع «مونيتور» مع داني سيترينوفيتز، وهو مسؤول ملف ايران سابقاً في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إلى ردّ المقاومة الأخير على الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب. الموقع الإخباري الذي يُعنى بشؤون الشرق الأوسط ومقرّه الولايات المتحدة، وصف هذا الردّ بـ 19 صاروخاً باتجاه أراضٍ مفتوحة في محيط مواقع العدو في مزارع شبعا بأنّه «استثنائي»، وفرض نقاشاً داخل الإدارة الإسرائيلية حول الخطوات المقبلة، في ظلّ ظروفٍ دوليةٍ مفصليّة، أبرزها عودة الاتفاق النووي الإيراني إلى طاولة المباحثات.الخبير الإسرئيلي اعتبر أنّ خطوات حزب الله تهدف حالياً، وبشكل أولي، «إلى تثبيت معادلة الردع»، لافتاً إلى أنّ هذه المعادلة اكتسبت أخيراً أهميّة أكبر بالنسبة له، على خلفيّة مخاوف من استغلال إسرائيل عدم الاستقرار السياسي في لبنان لشنّ هجمات متواصلة على أراضيه، لا سيّما في ظلّ تهديداتٍ متكررة من مسؤولين إسرائيليّين بضرب مواقع صاروخيّة للحزب. لذلك، رأى سيترينوفيتز أن حزب الله أراد أن يجعل الكيان الإسرائيلي يدرك بأنّه ستكون هناك عواقب وخيمة في حال شنّ هجماتٍ متكررة على لبنان.
وعن احتمالات وقوع حرب، أكّد الخبير أنّ الطرفين يدركان جيّداً أنّ إشعال حرب سيؤدي إلى نتائج كارثية، و«حتى لو كانت الأفضلية لإسرائيل، فإنّ حزب الله قادر على أن يتسبب بأضرار كبيرة لها». وهذا ما يجعل الطرفين «في حالة ردع، مثلما كانت الحال في الحرب الباردة بين روسيا وأميركا اللّتين كانتا تتخوّفان من توابع القوّة النّووية في حال نشوب الحرب».

لمّ شمل الأعداء
بناءً عليه، شدّد سيترينوفيتز على أنّ الخطوات الإسرائيلية المستقبلية لا يجب أن تركّز على «الحرب المكلفة»، وإنّما إعادة التفكير بالتّطورات السياسية الأخيرة في لبنان واستغلالها. وفي هذا السياق، لفت إلى تصرّف «المواطنين الدروز الذين اعترضوا شاحنة الصواريخ في طريق عودتها من العملية»، ما يعدّ «مؤشراً مهماً» إلى أنه بات بالإمكان استغلال «الوضع الحرِج للحزب في الداخل، والتّعاون مع المجتمع الدولي لفصله عن الدولة اللبنانية». وأثنى الخبير على نظرة محاوره بأنّ الهجوم «غير المتوقع وغير المسبوق» لمواطنين ينتمون للطائفة الدرزية، في منطقة حاصبيا تحديداً، إضافةً إلى ما زعم أنه «مصادرة شاحنة الصواريخ»، يعدّ مؤشراً على أنّ وجود حزب الله في معقله في الجنوب بات «أقلّ صلابةً ممّا كنا نتصوّر». لذلك يمكن استغلال مثل هذه المشاهد، يداً بيد مع المجتمع الدولي، لإضعاف الحزب. وتابع: «عسكرياً يعتبر الحزب قوياً جداً، فهو يمتلك مئات آلاف الصواريخ وغيرها من المعدّات. لكنّه، سياسيّاً، في موقفٍ حرِج. وما سيحاول القيام به هو التأكّد من أنّ الدولة اللبنانية لن تهدّد وجوده، وهو ما يهتزّ حالياً، لأنّ البنية التي سعى جاهداً إلى إرسائها يتمّ الاستخفاف بها من أطراف أخرى في البلاد».
وتمهّد هذه الوقائع، على حدّ تعبير سيترينويكس، الطريق لمقاربة مختلفة، وقال: «أعتقد أنّه حان الوقت للتفكير بطريقةٍ لجمع المُعادين للحزب في الداخل اللبناني، ومنهم الدروز والسنة والمسيحيّون، وحتى بعض العناصر الشيعيّة، واستخدامهم للضغط على الحزب». واعتبر أنّ مشكلة حزب الله ليست إسرائيلية محض، وأنّ على دول مثل فرنسا والولايات المتحدة التأكّد من نقطتين أساسيّتين: الأولى عدم دعم حكومة نجيب ميقاتي لأنّ مثل هذ الحكومة تصبّ في مصلحة حزب الله، وهي بمثابة واجهة له، وتسمح له بإعادة فرض البنية القديمة التي عمل جاهداً لبنائها. والثانية عدم تقديم أي مساعدات إلى الحكومة اللبنانية، «إلا بعد التأكّد من أنّها ستقطع جميع صلاتها بحزب الله».