على مدار الشهرين الماضيين، «فوّلت» معظم الفنادق في لبنان، وخصوصاً في بيروت، ولم يعد بعضها قادراً على استقبال أي نزيل جديد. وفق العاملين في الفنادق، فإنّ القسم الأكبر من النزلاء لبنانيون، مُغتربين ومُقيمين، ما يعزوه المعنيون في القطاع الى فرضيتين أساسيتين: الأولى تلك المُتعلّقة بـ«نشاط» استثنائي للسياحة الداخلية بعد عجز كثيرين عن السفر إلى الخارج، والثانية - اللافتة - ترتبط ببروز ظاهرة «نزوح» المُقيمين الميسورين إلى الفنادق هرباً من العتمة وطلباً لساعات إضافية من النوم الهانئ تحت التكييف!أحمد أبو صالح، مدير المبيعات في فندق «كومودور» في الحمراء، يؤكد لـ«الاخبار» أن كلتا الفرضيتين صحيحتان، لافتاً إلى عوامل عدة تدفع عدداً من اللبنانيين المُقيمين إلى اللوذ بالفنادق، إلى جانب السياحة الداخلية، «منها ما يتعلق بشح مادة البنزين ما يدفع البعض الى الانتقال إلى فنادق قريبة من أماكن عملهم»، فضلاً عن انقطاع الكهرباء بشكل شبه كلي، «لذلك يأتينا أحياناً نزلاء غير قادرين على النوم في منازلهم بسبب الحر. صحيح أن الليلة الواحدة تكلّف ما يزيد على 80 دولاراً، لكن اللي قادر بيشتري راحتو»! هذه «الراحة»، تشمل أيضاً أولئك الباحثين عن بيئة مناسبة للعمل كالإنترنت وغيرها من المقوّمات التي «تعيش» على الكهرباء.
يفضّل مستشار وزير السياحة مازن بو ضرغم أن ينظر إلى ظاهرة ارتياد اللبنانيين الفنادق بحثاً عن التيار الكهربائي بـ«إيجابية أكثر»، وأن يعزو «تفويل» الفنادق إلى «انتعاش» السياحة الداخلية والخارجية في لبنان و«امتدادها على كامل الأراضي اللبنانية بعدما كانت تنحصر بمدينة بيروت». فمع الأزمات التي شهدتها بيروت وإغلاق الطرقات المستمر، «وجد السائحون طريقهم إلى البترون والشوف والبقاع والنبطية وغيرها من المناطق السياحية، حتى تجاوزت نسبة إشغال الفنادق هذا العام الـ 95%». ورغم الحضور اللافت للسياح العراقيين ومن بعض الجنسيات الأخرى، يمكن القول إن «معظم السائحين هذا العام هم لبنانيون مغتربون عادوا إلى وطنهم وارتأوا النزول في الفنادق بعيداً عن منازل ذويهم، حيث لا كهرباء ولا ماء»، وخصوصاً أن كلفة النزول في الفندق «تراجعت بالدولار 50% مقارنة بعام 2019»، كما ارتفع عدد بيوت الضيافة المرخّصة من 15 بيتاً العام الماضي إلى 50 بيتاً هذا العام. كما نشطت السياحة الداخلية، بحسب بو ضرغم، لأن «اللبناني الذي اعتاد على السفر يلجأ اليوم الى السياحة الداخلية».
أما في ما يخصّ ارتياد البعض الفنادق بسبب انقطاع التيار الكهربائي، فيلفت بو ضرغم إلى أنه «بعد رفع الدعم سترتفع كلفة الفنادق كثيراً، أما إذا انقطع المازوت فلن يستمر في تشغيل الكهرباء». وهذا ما يراه «بحاجة إلى معالجة سريعة لأن القطاع السياحي هو أهم القطاعات التي تضخّ دولارات في السوق وتحرّك العجلة الاقتصادية مع ترهّل القطاعين الصناعي والزراعي وفقدان القطاع المصرفي ثقة المودعين، ما يطرح ضرورة تأمين المقومات الأساسية لاستمراره».