من 3.9 مليارات فرنك سويسري (4.35 مليارات دولار أميركي) سنة 2019 إلى 6.4 مليارات فرنك (7.03 مليارات دولار أميركي) سنة 2020، ارتفعت الأموال المودعة في مصارف سويسرية ومصدرها لبنان! الزيادة بنحو 2.6 مليار دولار أميركي، تُشكّل دليلاً حسّياً على استمرار «تهريب» الأموال من لبنان إلى الخارج. هؤلاء الذين يملكون الدولارات وقرروا تحويلها لـ«ينجوا» بها، ليسوا بالتأكيد عمّالاً وكادحين ومن «صغار المودعين»، بل سياسيون ورجال أعمال وأصحاب مصارف ومديرون كبار في البنوك ونافذون مُرتبطون بالمنظومة الحاكمة، قرّروا أنّ يُحمّلوا الخسائر لعامة الشعب ويُخلّصوا أنفسهم. وهي دليلٌ أيضاً على الهدف الحقيقي من تطيير إقرار قانون القيود على حركة رأس المال والتحويلات المالية إلى الخارج («الكابيتال كونترول»). على مدى سنة ونصف سنة، خرّب نواب ومصرفيون ومحتكرون ورؤساء كتل وأحزاب وتيارات كلّ محاولات إقرار القانون، عَملوا خلالها على نقل أموالهم إلى الخارج، غير آبهين بانهيار البلاد على الصعد كافة، وبأن «صغار المودعين» لم يكونوا قادرين على سحب فتات جنى أعمارهم من المصارف اللبنانية.الأرقام كشفها أمس المصرف المركزي في سويسرا، وأظهرت أن الودائع الآتية من لبنان، ارتفعت عام 2019 بنحو 1.1 مليار فرنك سويسري، فيما لم ترتفع عام 2018 سوى بنحو 39 مليون فرنك سويسري. وفي بعض السنوات، كان مجموعها ينخفض، كما في الأعوام 2013 و2014 و2015 و2016.
ونشر موقع «FiNews» تقريراً يُشير إلى أنّ كشف هذه المعلومات «يأتي على خلفية التحقيقات السويسرية والفرنسية في المخالفات المُشتبه بارتكابها في المصرف المركزي اللبناني». الارتفاع عام 2020 قياسي، ويُشكّل «أعلى مستوى منذ أن بدأ البنك المركزي في سويسرا إصدار البيانات سنة 1996». اعتبر تقرير «FiNews» أنّ البيانات «مُثيرة للاهتمام» لسببين رئيسيين، الأول فرض قيود شديدة على «المعاملات بالنقد الأجنبي في ظلّ المشاكل الاقتصادية التي يُعانيها لبنان»، والثاني يتعلّق بـ«الشائعات حول تحويل السياسيين وصنّاع القرار مبالغ كبيرة إلى الخارج». وذكّر الموقع بأنّ الحاكم رياض سلامة، «المُعيّن في مركزه منذ سنة 1993، تحوّل إلى موضوع محوري في التحقيقات الأوروبية. المدعي العام السويسري يُحقّق معه ومع شقيقه رجا في غسل أموال وعمليات احتيال في المصرف المركزي».