بعد نحو أسبوعين على العودة إلى التعليم الحضوري في المدارس والثانويات الرسمية، انتظمت الدراسة في بعض المدارس بنسبة 90 في المئة، فيما لم تتجاوز في مدارس أخرى 30 في المئة، ولم تصل في بعض الحالات إلى 8 في المئة. في إحدى المدارس، في قضاء صيدا، حضر كل الأساتذة وغاب كل الطلاب الـ 600. في إحدى مدارس الهرمل لم يزِد الحضور عن طالبين من أصل 20 في الصف، وفي ثانوية مرجعيون حضر 37 طالباً من أصل 200. والأهم أن الطلاب المنقطعين قسراً عن التعليم الحضوري محرومون من التعليم عن بعد، إلا في بعض المدارس التي يوافق مديروها على تسجيل الدروس وإرسالها عبر «واتساب» أو بواسطة منصة «تيمز». أهالي التلامذة باتوا متيقنين بأن الترفيع الآلي غير وارد، وأن الامتحان النهائي قائم حتماً. لذلك حسم بعضهم الأمر بأن يعيد أبناؤهم السنة الدراسية وبالتالي عدم تكبد عناء الانتقال إلى المدرسة، خصوصاً لمن لم يتمكّن منهم من متابعة التعليم عن بعد. وبعضهم اختار الطريق الأصعب عبر الاستعانة بمعلمين خصوصيين في المنزل تحضيراً للامتحانات.[اشترك في قناة ‫«الأخبار» على يوتيوب]
التلامذة وأهاليهم في بعض المدارس لم يسلَموا من التهديدات بالفصل أو عدم الترفيع إذا لم يحضروا إلى الصفوف وباحتسابهم من «المنقطعين» عن التعليم. فيما ورقة الضغط الكبيرة التي تعرض لها الأساتذة المتخلفون قسراً عن الحضور كانت الاستجوابات غير القانونية لمديريتي التعليم الثانوي والتعليم الابتدائي (من يحق له الاستجواب هو التفتيش التربوي والمدير العام للتربية). الضجة التي أحدثتها الاستجوابات دفعت المديريتين إلى التراجع عن النبرة الحادة التي ظهرت في الأيام الأولى للعودة بهدف تنفيذ خطة وزير التربية، والقول إن الهدف ليس الاستجواب والمساءلة بل جمع معلومات عن نسبة الحضور، علماً بأن الإحصاء يحدث تلقائياً من خلال التقارير الأسبوعية التي تُرفع إلى الوزارة حول الساعات التعليمية المنفذة وليست هناك حاجة لنموذج يملؤه المدير بأسماء الغائبين. وبحسب مصادر نقابية، ترك الأمر هنا لاستنسابية المدير، فجرى الانتقام ممن لا يدورون في الفلك السياسي لبعض المديرين، ولم تسجل أسماء المحظيين ممن تخلفوا عن الحضور. لذلك، عاد المتعاقدون إلى التعليم الحضوري بنسبة كبيرة، بعدما هددهم المديرون بخسارة ساعاتهم في العام الدراسي المقبل أو عدم استكمال ساعات التعويض عن الساعات التي لم تنفّذ بسبب الإضراب، تطبيقاً لتعميم الوزير.
«العودة الجزئية إلى التعليم المدمج لم تحقق العدالة والحد الأدنى من الإنتاجية التربوية ولم تحلّ المشكلة المتعلقة بالفجوة التعليمية على مدى سنتين حتى لو انتظمت بعض الصفوف»، كما قال رئيس هيئة تنسيق اللجان النقابية في التعليم الأساسي الرسمي ركان فقيه، لذا كان «اقتراحنا باستكمال ما تيسر من التعليم عن بعد ومن ثم استئناف العام الدراسي الحالي في أيلول المقبل بشكل مكثف بحيث يطبق تعليم حضوري حقيقي وتكون جائحة كورونا انحسرت نسبياً وتلقّى الجزء الأكبر من الأساتذة اللقاحات. إلا أن ما حصل هو استغلال العجز النقابي والشرذمة في صفوف الأساتذة وفشل الروابط في حماية المعلمين والمطالبة بحقوقهم والدفاع عن مصالحهم».