حتى مساء أمس، كانت الاجتماعات لا تزال قائمة بين نائبة رئيس الحكومة زينة عكر ووزيرَي الطاقة والاقتصاد ريمون غجر وراوول نعمة، لمناقشة المسوّدة النهائيّة لبطاقة التمويل التي سيتزامن إطلاقها مع رفع الدعم الجزئي عن السلع الأساسيّة. ولغاية أمس أيضاً، كان الوزراء يتخبّطون بالأرقام ويعمدون الى تغييرها باستمرار، ويتولّى وزير الاقتصاد الحسابات. وما إن ينتهي حتى يتبيّن له أنّها تحوي أخطاء، فيعيد تصحيحها ثم يكتشف أخطاء أخرى ليعيد الدورة نفسها. والنتيجة، عمل وجهد لطباعة سيناريو لا يلبث أن يتبدّل بين ساعة وأخرى، ما يبشّر بثغرات كبيرة في هذه البطاقة. ويعقد رئيس الحكومة حسان دياب اجتماعاً للوزراء المعنيّين الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم في السرايا للاتفاق على بعض التفاصيل.وفيما تبدو الحركة الحكومية مجمّدة، حصل اجتماع أمس بين وزير الخارجية الهنغاري بيتر سيارتو ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في مقر الحزب في ميرنا الشالوحي. زيارة سيارتو جاءت بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل الاثنين الماضي، حيث كان لبنان المادة الرئيسية على طاولة النقاش، وبشكل خاص فرض عقوبات أوروبية على من تسمّيهم باريس «معرقلي تشكيل الحكومة وبينهم باسيل». إلا أنّ هذا الطرح لم يلقَ الإجماع المطلوب، نتيجة اعتراض المجر على هذا الإجراء، ورفضها «إنزال عقوبات على رئيس أكبر كتلة مسيحية»، فضلاً عن معارضتها «للسياسة الأوروبية المنحازة واعتبارها مسألة تشكيل الحكومة أمراً داخلياً لا يفترض التدخّل به سوى من باب تقديم المساعدة والدعم». وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده باسيل وسيارتو، أشار رئيس التيار إلى أن فقدان التوازن في لبنان «سيؤدي إلى زيادة التطرف فيه، وسيؤذي أوروبا بزيادة عناصر التوتر المصدّرة إليها». من ناحية أخرى، رأى باسيل أن «الأمر المفيد الذي يمكن ويجب على أوروبا أن تقوم به للمساعدة هو اتخاذ إجراءات ضد أشخاص أو كيانات في لبنان أساءت استعمال المال العام وأوصلت البلد الى الإفلاس والانهيار».
من جهته، تحدّث وزير الخارجية الهنغاري عن اتفاقه وباسيل على أن «الحكومة هي شأن لبناني داخلي، ولا نعتبر أننا نعرف أكثر من اللبنانيين ما يناسبهم. ولذلك، نرفض أيّ ضغط خارجي على لبنان وأيّ محاولة ضغط خارجي، وخصوصاً محاولات الضغط التي تمارَس على حزب معيّن أو على حركة سياسية معيّنة». كذلك، رفض سيارتو «محاولات الضغط التي تستهدف طائفة دينية أو حزباً يمثّل طائفة دينية معينة». وقال إن الحديث تطرق الى العقوبات وجرى الاتفاق على «أنه ليس صحيحاً أن يقوم الاتحاد الأوروبي، في هذا الوضع الصعب الذي يعانيه لبنان، بوضع العقوبات على أشخاص منتخبين من قبل الشعب اللبناني بديموقراطية وبشكل قانوني، ولن ندعم ذلك أبداً. لن نقبل أبداً بأن تفرض عقوبات على أكبر حزب لبناني يمثّل المسيحيين، وسنتحدث بذلك دائماً لتكون المقاربة متوازنة وعادلة. أعتقد أن الظلم هو أن تركّز العقوبات على أحزاب. بدلاً من الضغط الخارجي، يحتاج لبنان إلى مساعدة حقيقية تترجم بخطوات عملية، ولا تكون مساعدة بالكلام فقط».



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا