لطالما شكّلت مطاعم نهر رشعين الشريان الحيوي لقضاء زغرتا والجاذب السياحي الأهم فيها. على مرّ سنوات، كانت «وجهة» الزائرين الباحثين عن طبيعة خلابة توفرها القرية التي تبعد عن العاصمة 95 كيلومتراً. المطاعم المنتشرة على ضفاف النهر، وهي المُشغّل الأساسي لأهاليها، تعرّضت لـ«ضربة قاصمة»، شأنها شأن بقية القطاع، بفعل الأزمة الاقتصادية المتزامنة مع وباء كورونا. وأسهمت الإجراءات الجديدة الصادرة عن لجنة متابعة التدابير الخاصة بكورونا، والتي يصفها أصحاب المطاعم بـ«العشوائية» و«غير المدروسة»، في زيادة الأزمة التي تسبّبت في تراجع أعمال المطاعم بنسبة 80%.يأسف جيهاد حديّد، صاحب مطعم «مسايا زمان»، للحال التي وصلت اليها مطاعم رشعين التي كانت مقصداً لزوار من بيروت والبقاع وطرابلس وعكار، لافتاً إلى أن «كل التوصيات التي صدرت منذ بداية جائحة كورونا لا تأخذ في الاعتبار معاناتنا وأننا مهددون بالإفلاس التام، وقدرتنا على الصمود لا تتخطى أربعة أشهر».
مع استفحال الأزمة الاقتصادية، اضطر حديّد إلى الاستغناء عن ثلثي طاقم العاملين لديه، «والنسبة سترتفع إذا استمر الوضع على ما هو عليه؛ إذ لن نحقق أرباحاً حتى لو فتحت المطاعم حتى الساعة 9:30 مساءً، كما تنص التوصيات».
مطعم جسر رشعين ليس أفضل حالاً؛ «الخسائر كبيرة والوضع كارثي»، بحسب سايد فنيانوس، صاحب المطعم، مشيراً إلى أن «صرف الموظفين أصبح ضرورة للاستمرار. لذلك، استغنينا عن العمال الثابتين، وأصبحنا نعتمد فقط على عمال بحسب الطلب». وزادت الطين بلة «التوصيات العبثية» للجنة كورونا، والتي «لم تُبنَ يوماً على معطيات اقتصادية عملية. فأين المغزى من إقفال المطاعم عند الـ 9:30 إذا كان الناس لن يلتزموا منازلهم؟». يشدّد فنيانوس على «أننا ندفع ضرائبنا ونقوم بواجباتنا، وعلى دولتنا في المقابل أن تتحمل مسؤولياتها أو لتتركنا نتدبر أمورنا كما فعلنا دائماً». ويؤكد على «الصمود أملاً بتحسّن الاوضاع، مع أننا قطعنا الأمل بدولتنا ولا نعوّل عليها»، مشيراً الى توقعات ضئيلة بتحسّن العمل في شهر رمضان.
رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني الرامي قال لـ«الأخبار» إن «العتب على الدولة الغائبة والمتقاعسة التي حرمت القطاع أدنى متطلباته، من تعويضات وتحفيزات، خلال فترة كورونا، ما أدى إلى خسارة القطاع أكثر من 50% من مؤسّساته مع انخفاض العدد من 8600 مطعم إلى 4300 في أواخر عام 2020... والحبل ع الجرار». وأكّد أن أصحاب المطاعم يريدون أن يفتحوا مؤسّساتهم تحت سقف القانون، مستنكراً المقررات «المجحفة» للجنة كورونا. «وعلى الدولة الضرب بيد من حديد، كل مؤسسة غير ملتزمة أو لا تستوفي الشروط، إذ لا يجوز أن يذهب الصالح بعزا الطالح»، لأنّ قطاعاً بهذه الأهمية للدورة الاقتصادية يجب أن لا يُترك من دون أفق، «ويجب استحداث حلول لإعادته إلى العمل، ولا سيما أنه يشغّل نحو 160 ألف عامل مسجّل في الضمان الاجتماعي، تراجع عددهم اليوم 50 ألفاً يعملون بدوام جزئي».



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا