رأى رئيس الجمهورية ميشال عون، اليوم، في رسالة وجّهها إلى اللبنانيين، أن سقوط التدقيق الجنائي يقضي على المبادرة الفرنسية.
في مستهل حديثه، كشف عون عن اجتماع آخر، يُعقد الجمعة، بين ممثلي وزارة المال وحاكمية مصرف لبنان و«شركة ألفاريز ومارسال»، بعد فشل الاجتماع السابق في الوصول إلى «نتيجة ملموسة»، مشيراً إلى أنه، في وقت سابق، طالب بـ«إجراء التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان وإنشاء محكمة خاصة بالجرائم المالية (..) ولكن المطلبين وُضعا في الأدراج».

وقال عون إن «الشكوك كانت تتأكد يوماً بعد يوم بأنّ حسابات المصرف المركزي غير شفافة ولم يكن يعرف حجم النقص في الاحتياط بالعملات الأجنبية، وهو نقص كانت تتم تغطيته من أموال المودعين خلافاً للقانون»، إذ «وجهت ألفاريز ومارسال بواسطة وزير المال 133 سؤالاً لمصرف لبنان الذي أجاب عن 60 منها ورفض الإجابة عن البقية، إمّا بحجة أنّها مخالفة لقانون النقد والتسليف أو لأن لا جواب لديه». وأشار إلى أن الشركة جدّدت توجيه الأسئلة لمصرف لبنان، في 20 تشرين الأول من العام الفائت، ولم تتلقَ جواباً.

في هذا السياق، اعتبر عون أن حجج المصرف «واهية»، وأنها منعت مجلس الوزراء من تكليف شركة «كرول» العالمية بإجراء التدقيق الجنائي، وبعد جهود كثيفة وافق مجلس الوزراء على تكليف شركة «ألفاريز ومرسال».

وأشار عون إلى «عرقلة في تنفيذ التدقيق المالي الجنائي»، قائلاً إنّها استمرت إلى أن «اعترف وزير المال من بضعة أيام أنّ المصرف المركزي يمتنع عن الإجابة عن عدد كبير من أسئلة شركة الفاريز ومارسال».

واعتبر أن سقوط التدقيق الجنائي «يعني ضرب المبادرة الفرنسية، لأنّ من دونه لا مساعدات دولية ولا مؤتمر سيدر ولا دعم عربياً وخليجياً ولا صندوق دولياً»، موضحاً أن «هدف المماطلة في تنفيذ قرار الحكومة هو دفع الشركة إلى اليأس لتغادر لبنان وتوقف بالتالي التدقيق الجنائي ويفلت المجرمون من العقاب».

وتوجّه عون إلى المصرف المركزي بالقول «أنت تتحمل المسؤولية الأساسية لأنك خالفت قانون النقد والتسليف، وكان لزاماً عليك أن تنظم العمل المصرفي وتأخذ التدابير لحماية أموال الناس في المصارف وتفرض معايير الملاءة والسيولة».

وإلى المصارف، قال عون إن «مسؤوليتكم واضحة ولا يمكن لكم أن تهربوا من الحقيقة (...) الناس أودعوكم أموالهم، وأنتم تصرفتم بها بعدم مسؤولية طمعاً بالربح السريع ومن دون توزيع مخاطر على ما تقتضيه أصول المهنة».

وحمّل عون مسؤولية «كبيرة» للقيادات السياسية وغير السياسية، قائلاً «ما كان ليحصل ما حصل لو لم توفروا أنتم بالحد الأدنى الغطاء للمصرف المركزي والمصارف الخاصة ووزارة المال»، معتبراً أن «التدقيق الجنائي ليس مطلباً شخصياً لرئيس الجمهورية، بل هو في صلب المبادرة الفرنسية ومطالب صندوق النقد الدولي، وهو قبل كل شيء مطلب اللبنانيين جميعاً (...) وهو المدخل لمعرفة من تسبب في وقوع جريمة الانهيار المالي في لبنان».

وتوجه عون إلى اللبنانيين بالقول «بإمكانكم أن تختلفوا معي سياسياً، لكن ستجدونني دائماً إلى جانبكم بالحق، أتقدمكم في معركة كشف أكبر عملية نهب في تاريخ لبنان، فكونوا معي؛ ضعوا خلافاتكم السياسية جانباً، وثقوا بأننا لن ندعهم يسرقون الشعب ويقهرون أمّاً ويذلون أباً ويهينون مريضاً (...) لن ندعهم يسقطون التدقيق الجنائي أو يقضون على الدولة والشعب والتاريخ والمستقبل».