أقدم المدعي العام المالي، القاضي علي إبراهيم، على خطوة «غريبة»، في تعامله مع الإخبار المقدم من النائب حسن فضل الله بشأن هدر مليار و200 مليون دولار في ملف محطات معالجة مياه الصرف الصحي (وهو الملف نفسه الذي قدّم فيه إخباراً أيضاً الإعلامي سالم زهران). فقد عمد القاضي إبراهيم إلى إجراء تعديل على ادعائه الأول المسجل في أيلول عام ٢٠٢٠، فتراجع عن الادعاء بحق نبيل الجسر بموجب ورقة طلب ثانية لاحقة، وادّعى على مجلس الإنماء والإعمار بشخصيته المعنوية بدلاً من الجسر.هذا التراجع سُجِّل في شهر تشرين الثاني ٢٠٢٠. فِعلةُ القاضي إبراهيم بموجب ورقة الطلب الثانية تراجعٌ مبطّن لتبرئة الجسر، علماً بأنّ النيابة العامة تملك أن تدّعي ولا تملك أن تعود عن الادعاء. فلماذا قد يُقدم إبراهيم على هذه الخطوة ومن ضغط عليه؟ وما مفعول تحريك دعوى الحق العام بموجب ورقة الطلب الأولى؟ وهل ورقة الطلب الثانية اللاحقة تُلغيها؟ وهل تُعتبر هذه الخطوة، بذريعة التصحيح، تراجعاً عن دعوى الحق العام بحق نبيل الجسر وتنازلاً عنها؟ إذ إنّ بعض القضاة رأوا فيها محاولة التفافية للتنازل والتراجع عن دعوى الحق العام بحق الجسر، وهذا ما لا يجوز بموجب المادة ٧ من أصول المحاكمات الجزائية التي تنصّ على عدم جواز التنازل عن دعوى الحق العام من قبل النيابة العامة.
لقد حذف القاضي إبراهيم اسم نبيل الجسر من قائمة المدعى عليهم واستبدله بمجلس الإنماء والإعمار ممثلاً برئيسه الجسر. أخرجه بشكل مباشر من دائرة الادعاء. وبالتالي، بات الادعاء يطال المجلس كشخصية معنوية، ثم أورد إبراهيم في متن مستند ورقة الطلب عبارة : «يبقى الباقي من دون تعديل». قد يُخيّل إلى البعض أنّ الجسر ملاحق قضائياً بمجرّد أن يُذكر أنّ المدعى عليه مجلس الإنماء والإعمار ممثلاً بالجسر، لكن استدراك القاضي إبراهيم حماه من الادعاء فعلياً. على سبيل المثال، إذا عمد رئيس بلدية إلى اختلاس أموال، فهل يكفي أن يدّعي النائب العام على البلدية أم يجب عليه الادعاء على المُختلِس؟ ولا سيما أنّ الشخص المعنوي لا يُحاسب إلا إذا كان الشخص الطبيعي، أي مرتكب الجرم باسم الشخص المعنوي، مدّعى عليه. وبناءً عليه، فإنّ ادعاء إبراهيم قانوناً كأنه لم يكن، لكن على قاضي التحقيق أن يتصرف كأنه مدّعى عليه.
كما أنّ اللافت أنّ هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان أرسلت إلى النيابة العامة التمييزية قرارها رفع السرية المصرفية عن الحسابات المصرفية لجميع المذكورين في الادعاء، أي مهندسين عاملين مع الجسر وعدداً من المتعهدين والاستشاريين، إضافة إلى الجسر نفسه! فلماذا رُفعت السرية المصرفية عن حسابات الجسر مع أنّه لم يعد مدّعى عليه بجرم تبييض الأموال؟ مع الإشارة إلى أنّ تحرّك هيئة التحقيق الخاصة جاء حتماً بناءً على طلب قاضي التحقيق الأول. ولكن لماذا قد يطلب أن تُرفع السرية عن حسابات شخص غير مدّعى عليه؟ وهل للجسر مصلحة في أن تُرفع السرية المصرفية عن حساباته أمام الرأي العام لكونه مطمئناً؟




اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا