بينما كانت الأنظار تتجه نحو طريقة تعاطي المؤسسة العسكرية مع الاحتجاجات التي تشهدها مختلف المناطق، خاصة بعد طلب رئيس الجمهورية ميشال عون، اليوم، من الأجهزة الأمنية منع إقفال الطرقات أمام المواطنين، بموازاة المعلومات عن حالات فرار لعناصر الأجهزة، أطلق قائد الجيش العماد جوزيف عون، خطاباً عالي النبرة بوجه المسؤولين السياسيين الذين اعتبرهم غير مهتمين بالعسكريين ومعاناتهم.
وفي اجتماعٍ عقده مع أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة في حضور أعضاء المجلس العسكري في اليرزة، أكد جوزيف عون على حرية التعبير السلمي التي يرعاها الدستور والمواثيق الدولية، لكن دون التعدي على الأملاك العامة والخاصة، مشدداً على أن «الجيش لن يسمح بالمس بالاستقرار والسلم الأهلي». وأشار إلى أن «الجيش هو جزء من هذا الشعب ويعاني ويجوع مثله، بعد أن فقدت رواتب العسكريين قيمتها»، متوجهاً إلى المسؤولين بمجموعة أسئلة: «إلى أين نحن ذاهبون؟ ماذا تنوون أن تفعلوا؟ أتريدون جيشاً أم لا؟ أتريدون مؤسسة قوية صامدة أم لا؟».

ولفت إلى أن «موازنة الجيش تخفَّض في كل سنة بحيث أصبحت الأموال لا تكفي حتى نهاية العام، لذلك بادرت المؤسسة العسكرية إلى اعتماد سياسة تقشف كبيرة من تلقاء نفسها تماشياً مع الوضع الاقتصادي»، مضيفاً أن «المطلوب من الجيش مهمات كثيرة وهو جاهز دائماً، لكن ذلك لا يمكن أن يقابل بخفض مستمر ومتكرر للموازنة، علماً أننا تحدثنا مع المعنيين لأن الأمر يؤثّر على معنويات العسكريين ولكننا لم نصل إلى نتيجة، للأسف لا يهمهم الجيش أو معاناة عسكرييه».

وشدد على أن «لا حالات فرار بسبب الوضع الاقتصادي رغم الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي يعاني منها الجيش»، محذراً من المس بحقوق العسكريين سواء في الخدمة الفعلية أم المتقاعدين.

وعن المساعدات التي يقبلها الجيش، قال: «لولا هذه المساعدات لكان الوضع أسوأ بكثير ومهما كان حجمها فالجيش يقبلها بحسب الأصول للحفاظ على الجهوزية العملانية».

من جهة ثانية، اعتبر عون أن «الجيش يتعرّض لحملات إعلامية وسياسية تهدف إلى جعله مطواعاً، وضرب صورته لغايات وأهداف مخفية»، مشددا على أن «المؤسسة العسكرية لن تكون مكسر عصا لأحد، وهم يدركون أن فرط الجيش يعني نهاية الكيان، أما نحن فضميرنا مرتاح وليس لدينا أهدافاً مخفية وما نفعله نقوله علانية».

أما عن موضوع التهريب على الحدود، فدعا «الذين يتهمون الجيش بالتقصير إلى معاينة الحدود عن قرب والاطلاع على ما أنجزه من أبراج مراقبة وإجراءات، والظروف التي يتواجد فيها العسكريون».

إلى ذلك، أوضح عون أن دور الجيش في ما خص عملية التفاوض غير المباشر حول ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، تقني بحت. ودعا السلطة السياسية إلى «القيام بواجباتها لدعم الوفد المفاوض ومواكبته وتحديد ما هو مطلوب منه، أو أن تعلن موقفها صراحة.

بطبيعة الحال، وفي خضم الاوضاع التي يمر فيها البلد، لم يغب الصعيد الأمني عن كلام عون، فقد أشار إلى أن «الوضع غير مستقر بسبب الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها واستمرار تهديدات العدو الإسرائيلي وخروقاته اليومية، بالإضافة إلى الخلايا الإرهابية النائمة التي تسعى إلى استغلال الأوضاع الداخلية ومخيمات النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين للعبث بالاستقرار الأمني».